منتدى العالم الاسلامي

كل ما يتعلق بديننا الحنيف على مذهب أهل السنة فقط مواضيع في الدين - Islamic Forum

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=10412
5993 0
10-13-2019 04:45 PM
#1  

1990 1164038134التفاؤل في حياة المسلم (خطبة)


التفاؤل في حياة المسلم (خطبة) kntosa.com_17_18_153
إن سأل سائل: ما تعريف التفاؤل؟
فيقال له: التفاؤل هو توقُّع حصول الخير في المستقبل، وبضد ذلك المتشائم التي يتوقَّع حصول الشر.

ومن النصوص الدالة على مشروعية التفاؤل:
قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ». قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ» رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ، الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» رواه البخاري. وفي رواية: «وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ». قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» رواه البخاري.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما: (الفرق بين الفأل والطِّيَرة: أنَّ الفأل من طريق حُسْنِ الظنِّ بالله، والطِّيَرة لا تكون إلاَّ في السوء فلذلك كُرِهَت).
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُحبُّ أن يُستبشر بالخير، وكان ينهى قومَه عن كلمة (لو)؛ لأنها تفتح عمل الشيطان، فهي من أوسع أبواب التشاؤم، يتَّضح ذلك في توجيهه صلى الله عليه وسلم: «اسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم.
وكان منهجه في التفاؤل يتجلَّى في تطبيقه لقول الله تعالى: ﴿ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]؛ بل جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم اليأسَ من الكبائر؛ فلمَّا سأله رجل عن الكبائر؟ أجابه بقوله: «الشِّرْكُ بِالله، وَالإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ الله، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ الله» حسن - رواه البزار.
عباد الله.. إنَّ أعلى درجات التفاؤل هو التفاؤل في أوقات الأزمات، ولحظات الانكسارات، وساعات الشدائد، فتَتَوَقَّع الخيرَ وأنت لا ترى إلاَّ الشر، والسعادةَ وأنت لا ترى إلاَّ الحُزن، وتَتَوقَّع الشفاءَ عند المرض، والنجاحَ عن الفشل، والنصرَ عند الهزيمة، وتتوقَّع تفريجَ الكروب ودَفْعَ المصائب عند وقوعها، فالتفاؤل في هذه المواقف يُولِّد مشاعر الرضا والثقة والأمل.
والتفاؤل له أساسان:
الأول: حُسن الظن بالله تعالى؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله بغير سبب مُحقَّق. والمسلمُ مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال. والثاني: التوكل على الله تعالى: وهو من أسباب النجاح.
ومن صفات المتفائل: أنه منبسط الأسارير، مشرق الوجه، واسع الصدر، مبتسم الثغر. قاموسه: الأمل، النجاح، السعادة، الانتصار، الارتقاء، التعاون، الحب، التوكل على الله تعالى، وحُسن الظن به.
وأعظم مصدرٍ للتفاؤل هو القرآن الكريم، الذي يمنحنا التفاؤل والفرح والسرور، ويعطينا الأمل: فمن أسرف على نفسه بالمعاصي ووقع في فخ الشيطان؛ فعليه أن يتدبَّر قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وسيشعر بالفرحة والسرور، والبِشْر والحبور.
والذي خسر ماله؛ إذا قرأ الآيةَ الكريمة: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، كيف سيكون أثرها عليه؟
وهذا الذي يدعو اللهَ تعالى، ولم يتحقَّق دعاؤه، إذا قرأ قولَه تعالى: ﴿ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ﴾ فالخير قد يكون في الشر، والسعادة قد تكون في الشدة، والفرح قد يكون في الحُزن.
بل كل المصائب والشدائد إذا ما قُورنت برحمة الله وفضله هانت وتلاشت، قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156، 157]. فتلك البشرى للمتفائلين الواثقين برحمة الله.
أيها المسلمون.. إنَّ الأنبياء - عليهم السلام - هم سادات المتفائلين، واقرؤوا - إنْ شئتم - قصصَ القرآن؛ لتروا التفاؤلَ بادياً في تعاملهم مع الأزمات والمحن، وقد ضرب يعقوب - عليه السلام - أروع الأمثلة في التفاؤل: فقد ادعى إخوة يوسف بأنَّ الذئب أكله، وابنه الآخَر اتُّهم بالسرقة وسُجِن، كما أخبروه، وعلى الرغم من مرور السنوات الطويلة إلاَّ أنه لم يفقد الأمل من رحمة الله تعالى، تأمَّلوا ماذا كان ردُّ فِعله؟ وبماذا أمر أبناءَه؟ قال لهم: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
والمتأمِّل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ يجدها مليئة بالتَّوكل على الله، وحُسنِ الظَّن به سبحانه - وهما أساسا التفاؤل، فلا عجب فهو إمام المتفائلين وسيدهم، ومن أوضح الأمثلة على ذلك:
لمَّا خرج صلى الله عليه وسلم لغزوة خيبر سمع كلمةً - من أحد أصحابه - فأعجبته، فقال: «أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ» صحيح - رواه أبو داود. أي: تفاءَلْنا من كلامك الحَسَن تيمُّناً به.
والتفاؤل سلوك ملازمٌ للنبي صلى عليه وسلم ومُتأصِّل فيه؛ حيث كان يتفاءل بالأسماء الحسنة؛ لِمَا لها من دلالة إيجابية على النفوس. ولما أتى المدينة كانوا يسمونها: (يثرب)، وهي كلمة ليست محمودة؛ فغيَّر اسمَها، وسمَّاها: (طابةَ)، أو سمَّاها المدينة)؛ وهذا هو عين التفاؤل.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما: «أَنَّ ابْنَةً لِعُمَرَ كَانَتْ يُقَالُ لَهَا: عَاصِيَةُ. فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: جَمِيلَةَ» رواه مسلم. فهذا الاسم هو المناسب لأنوثة هذه الفتاة.
وعن عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ عن عَمِّهِ قال: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ» رواه البخاري ومسلم. فَعَل ذلك تفاؤلاً بتحوُّل حال الجَدْب إلى الخِصْب.
وفي (الحديبية) لمَّا جاء سُهَيلُ بنُ عَمْرٍو يُفاوِض النبيَّ عن قريش، فتفاءل رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه، وقال: «لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» رواه البخاري. فهذا تفاؤل مُسْتَوحى من المقام.

وتأمَّل حالَه صلى الله عليه وسلم وهو في (قَرْنِ الثَّعَالِبِ) يمشي مهموماً بعد أنْ طردَه بنو عبدِ يالِيلَ وآذوه ورجموه حتى أدموه، والملأ من قريش مصمِّمون على منع عودته إلى مكة، وقد جاءه مَلَك الجبال فقال: إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهم الأَخْشَبَيْنِ، فأجابه صلى الله عليه وسلم - وكلُّه تفاؤل وأمل، وصبر، ورحمة، وبُعد نظر، واستشراف للمستقبل: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شيئاً» رواه البخاري ومسلم.
أيها الإخوة الكرام.. ولكي يَصِلَ بنا التفاؤل إلى شاطئ السعادة والنجاح:لا بد وأن يقترن بالجدية وبالعمل الدؤوب، وبمزيد من السعي والفاعلية، وإلاَّ كان هذا التفاؤل مُجرَّد أمنياتٍ وأحلامٍ وضربٍ من الأوهام، فالإغراق في التفاؤل بدون عمل؛ يُعتبر هروباً من الواقع، وقراءةً خاطئة له.
التفاؤل في حياة المسلم (خطبة) 26166875_53229786712

الخطبة الثانية
الحمد لله... عباد الله.. للتفاؤل فوائدُ كثيرةٌ ومتنوعة، لو علمناها لزال عنا كثير من الأحزان والهموم والتشاؤم، ومن أهم فوائد التفاؤل: أنه يجعلنا متوكِّلين على الله تعالى، ونُحْسِن الظن به سبحانه، ويبعث في نفوسنا الرجاء، ويقوِّي عزائمنا، ويُجدِّد فينا الأمل، ويدفعنا لتجاوز المِحَن، ويُعوِّدنا الاستفادة من المحنة لتنقلب إلى منحة، وتتحول المصيبة إلى غنيمة، ولا ننسى أنَّ التفاؤل شعبةٌ من شعب الإيمان، فالمؤمن يفرح بفضل ربه وبرحمته، ولو لم يفعل ذلك ويئس؛ فإنَّ إيمانه سينقص ولا ريب.
ويمنحنا التفاؤل القدرةَ على مواجهة المواقف الصعبة، واتخاذ القرار المناسب، ويجعلنا أكثرَ مرونةً في علاقاتنا الاجتماعية، وأكثرَ قدرةً على التعايش مع الناس؛ لذا ترى الناسَ يُحبون المتفائلين ويخالطونهم، وينفرون من المتشائمين.
ومن الفوائد العظيمة للتفاؤل: أنه يمنحنا السعادة، سواء البيت، أو العمل، أو بين الأصدقاء والأحبة؛ بل إن الدراسات العلمية المعاصرة تربط بين التفاؤل، وبين الصحة النفسية والعقلية والبدنية، ومن هنا كان التفاؤل من أعظم أسلحة الإنسان التي يتسلَّح بها من جميع الأمراض: النفسية والبدنية، والعقلية، والقلبية.
والمتفائلون سرعان ما يبرؤون من أمراضهم؛ مقارنةً بغيرهم من المتشائمين، ويقال: إنَّ التفاؤل مريح لعمل الدماغ: فالطاقة المبذولة من الدماغ -لحظة التفاؤل - خلال عشر ساعات؛ أقل بكثير من الطاقة المبذولة - لحظة التشاؤم - لمدة خمس دقائق.
عباد الله.. يجب أن نربي أنفسنا على التفاؤل في أصعب الظروف، وأقسى الأحوال، فهو منهج لا يستطيعه إلاَّ أفذاذ الرجال.
فالمتفائلون هم الذين يصنعون التاريخ، ويسودون الأمم، ويقودون الأجيال.
أمَّا اليائسون والمتشائمون، فلن يستطيعوا أن يبنوا حياةً سوية، وسعادةً حقيقية في داخل ذواتهم، فكيف يصنعونها لغيرهم، أو يُبَشِّرون بها سواهم؟ وفاقد الشيء لا يعطيه.
د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة

التفاؤل في حياة المسلم (خطبة) kntosa.com_17_18_153








الكلمات الدلالية (Tags)
(خطبة), في, المسلم, التفاؤل, حياة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل