القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=24652
634 0
05-18-2023 04:45 AM
#1  

افتراضيتدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين)


فتنة الرزق منعاً أو عطاء



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) 72ab6780916c91b1a50d




تنتقل الآيات إلى عرض فتنة جديدة، فتنة لطالما يعاني منها كثير من الناس فتنة الرزق منعاً أو عطاء، فتنة متجددة في كل وقت، وكلمة الرزق لماذا اخترنا كلمة الرزق؟
لأن الرزق لا ينحصر في المال، صحيح الكلام في سورة الكهف جاء عن ضرب مثل عن صاحب الجنتين عن المال بشكل خاص ولكن القضية لم تكن فقط قضية مال، القضية ممكن أن تندرج تحت علم أو شهادات، ممكن أن تندرج تحت وظائف، ممكن تندرج تحت مواهب، ممكن تندرج تحت العلم، ممكن تندرج تحت الأولاد، أشياء متعددة مختلفة ولذا كلمة فتنة الرزق هي أوسع وأشمل.

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ)
من هنا تبدأ القصة
(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا )

رجلٌ فتح الله سبحانه وتعالى من رزقه عليه وأعطاه ابتلاءً، العطاء ابتلاء، العطاء فتنة، أن تُفتح عليك أبواب الدنيا بأي شكل من الأشكال، منصب، وظيفة جديدة، زيادة في أموال، بيت جديد، أولاد كل هذا يقع تحت الابتلاء، امتحان، فتنة نتعرض لها نحن في كل زمن وفي كل وقت.

السؤال الذي ينبغي أن لا أجعل الفتنة أو الامتحان الذي أمرّ به يغيّب عني هذا السؤال واستحضار هذا السؤال: في أي شيء سأستعمل هذه النعمة وفي أي شيء سأستعمل هذا العطاء؟ هل سأستعمله في الزيادة في التقرب إلى الله عز وجل؟ هل أنا أعرف مصدر هذا الرزق الذي أتاني وأنسبه بالفعل إلى من يستحق بالفعل أن يُنسب إليه الرزق والفضل؟ أم أني سأطغى كما قصة صاحب الجنتين؟




لا تنسب الفضل إلا لله



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) 7d5070e883ad749e3376


صاحب الجنتين رجل أعطاه الله مالاً، فتح عليه في المال وكان المال والعطاء امتحان وابتلاء ولكنه رسب في ذلك الامتحان.

أول سبب من أسباب الرسوب الذي تقدمه لي سورة الكهف حتى أقف عنده
(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)


(أنا)

نسب الفضل وكثرة المال والأنفار الذين من حوله والعزوة والبشر والخدم والحشم ومن حوله من الأولاد وعشيرة وأهل نسبهم لنفسه قال


(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)


لم ينسب الفضل ولا النعمة ولا الزرق ولا العطاء للخالق سبحانه!

لم يدرك أن كل ما نحن فيه، النَفَس الذي أتنفسه ممن؟
ممن خلق، أنا لا أملك شيئاً! أنا جئت إلى الدنيا لا يوجد عندي أملاك!
أنا لا أمتلك حتى مكونات جسمي ليست تحت سيطرتي ولذا سبحانه حين يريد أن يوقف أنفاس الحياة يوقفها وحين يريد سبحانه أن يوقف نبضات القلب يوقفها عن العمل، من أنت أيها الإنسان المغرور المتكبر المتعالي الذي تصنع منك المحنة محنة العطاء، فتنة العطاء تصنع منك إنساناً آخر مغروراً لا يرى من حوله ولا يرى لربّه سبحانه فضلاً عليه!
من أنت حتى تنسب الفضل لنفسك وتقول


(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا)؟!.



العزة لله جميعا



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) 09af17fee70358a4a7c4


(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)

نقطة مهمة في هذه الآية العظيمة


أي شيء ذاك الذي تعتز به؟!
تعتز بالمال؟! تعتز بالنفر؟! أي شيء الذي تعتز به؟!
من اعتز بالمال أفقره الله


ومن استغنى بماله عن الله سبحانه وتعالى أفقره الله سبحانه وأبكاه.


هذه حقيقية أنا حين أعتز أعتز بأي شيء؟!


ربي سبحانه وتعالى ذكر في آيات متعددة في سور أخرى في القرآن أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين حين تعتز إعتز بربك سبحانه وتعالى، اعتز بإيمانك به بتقربك إليه بطاعتك إليه لكن أن تعتز بعرض من عروض الدنيا بالمال لا قيمة له!


أي شيء هو المال؟ ولا شيء!


(أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)


ما معنى


(وَأَعَزُّ نَفَرًا)؟
اعتز بقومه اعتز بمن حوله اعتز بحاشيته اعتز بالناس الذين من حوله من أصحاب المكانة المرموقة، ولنا أن نتدبر ليس فقط في هذا القرآن، القرآن لم يأت لأقرأ الكلمات فقط دون أن أتوقف وأربط مع ما أراه أنا في واقع حياتي العملية، دعونا نرى عشرات الأشخاص ليس فقط بدءًا من فرعون وإنما مروراً بفرعون إلى كثير من غيره من الناس ممن يعتز بحاشيته ممن يعتز بأصحاب المكانة المرموقة أصحاب الأموال أصحاب النفوذ والسلطة والجاه، بمن تعتز؟! تعتقد أن هؤلاء سينصرونك حين تحتاج للنصرة؟! تعتقد أن هؤلاء سيرفعون عنك ضراً أو يسدون إليك نفعاً؟! تعتقد بهؤلاء؟!

انظروا معي وتدبروا معي هذه اللمسة الرائعة العظيمة في معنى التوحيد التوحيد ليس كلمة أنا أقولها بلساني –وإن كانت هي حزء منها- "لا إله إلا الله" ولكن التوحيد أن تكون في قرارة نفسك تشعر بأن لا عزيز إلا الله تشعر وتؤمن يقيناً بأن لا أحد في الدنيا يستطيع أن يضرك أو ينفعك سوى الله سبحانه وتعالى وأن هؤلاء البشر من حولك مهما أوتوا من متعة وسلطان وجاه لا يغنوا عنك من الله شيئاً إن أراد بك ضراً أو أراد بك نفعاً قمة التوحيد.
التوحيد الذي أحتاجه في سورة الكهف وسورة الكهف تذكرني به آية بعد آية وتعززه في قلبي أحتاج أن أخلّصه من هذه الشوائب إياك في يوم أن يلتفت قلبك لأحد أو لشخص أو لشيء من عرض الدنيا أو متاعها فتظن جاهلاً أو مغتراً أن ذاك الشيء أو ذاك الحساب من المال أو تلك العزوة أو ذاك النفر من الأشخاص أو أو أو يمكن أن تملك لك عزاً تصنع لك جاهاً أو تصنع لك مجداً فإن العزة بيد الله وحده لا شريك له.

أول خطأ وقع فيه صاحب الجنتين كان هذا الخطأ وكلنا في بعض الأحيان في وقت من الأوقات نقع في هذا الخطأ دون أن ننتبه إليه، علي أن أستيقظ.



ولذا سورة الكهف جمعة بعد جمعة توقظ في نفسي هذا الإحساس، تعزز الإيمان لذا كانت نور، ما معنى النور؟ النور أن يضيء لك الطريق لا تأخذك الحياة بعيداً، إياك أن تغتر بما لديك من مال.



غرور صاحب الجنتين وعدم إيمانه بالبعث



(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا)
دخلها وأعظم أنواع الظلم وكل أنواع الظلم عظيمة ولكن كلها تنبت من شجرة ظلم الإنسان لنفسه وأعظم ظلم للإنسان لنفسه أن يبعدها ويصرفها عن خالقه بالشرك وعدم الإخلاص وابتعاد وإعراض عن الله سبحانه وتعالى وهو سبحانه من لا ينبغي أن يعرض عنه أحد.

(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ)
كيف ظلم نفسه؟



بدحضها وطمسها وطمس معالم الإيمان من خلال الشرك، من خلال نسب ما وصل إليه من مال ومن جنة ومن نفر من حوله لنفسه الضعيفة التي لا تملك شيئاً. ولم يتوقف الظلم عن هذا الحد، وهكذا الظلم، الإنسان حينما يبدأ سلسلة الظلم لنفسه لا يمكن أن يقف عند حلق رديء واحد ولكن كل خُلُق يُسلِمه إلى الخُلُق الأسوأ الذي يرديه أسفل سافلين.

(قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا)

هل يُعقل هذه الجنة العظيمة التي أراها أمام عينيّ أن تبيد؟!
ما أظن!، انظر إلى الغرور! انظر إلى اغترار الإنسان! فتنة!

ما أظن أن أخرج في يوم من الأيام من هذا القصر الذي أمتلك، ما أظن أن هذه الحاشية في يوم من الأيام يمكن أن تتخلى عني، ما أظن، ما أظن، ما أظن!

ولكنه كذب ووهمٌ كاذب ووهم عشت فيه وأنفقت فيه حياتي وأغلى ساعات عمري! هذا صاحب الجنتين الواهم الجاهل الذي لم يكن يدرك حقيقة الدنيا ولا حقيقة الآخرة وكان يعتقد أن عطاء الجنتين أعظم من عطاء الإيمان وبئس من عطاء!


أعظم عطاء وأعظم رزق يمنحه الله سبحانه لأحدٍ من خلقه أن يُدنيك منه سبحانه بالإيمان به بأن يفتح على بصيرتك بأن ينير ويضيء جنبات نفسك وقلبك وروحك فتسمو إلى خالقها سبحانه تحميداً وتمجيداً وتسبيحاً.

(وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)

كذّب بالبعث، كذّب بخالقه سبحانه

(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا )


غرور!

غاية التكبر وغاية الغرور!


نعمة التوحيد بالله أجل النعم وأعظمها شأنا



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) 21997936005_dd23af1a


تأمل معي إلى الجزء الثاني من القصة،


هنا العطاء ولكن عطاء الدنيا وهنا الجانب الآخر الإنسان الفقير، المنع، نحن نرى الصورة أحياناً في كثير من الأحيان نحن كبشر أنظر إلى جزء فقط من الصورة لا أكمل الصورة لا آخذ الصورة بكمالها.

الجزء الأول من الصورة
صاحب العطاء صاحب الجنتين،
الجزء الثاني من تلك الصورة
إنسان فقير بسيط متواضع لا يمتلك من متاع الدنيا الكثير،
انظر ماذا قال له؟

(قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)

نعم، منع الله عنه شيئاً من عطاء الدنيا، شيئاً من تراب الدنيا حتى وإن كان تِبراً ولكن أعطاه شيئاً آخر أعطاه نعمة لا تزول، أعطاه نعمة الإيمان والتوحيد والتعرف لخالقه سبحانه وتعالى. وتأمل معي قول الله وانظر أيهما أعزّ؟

(لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا )



وتأمل كم مرة تقريباً ست مرات ترد في سورة الكهف (أحداً) الواحد الأحد، التوحيد، (لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي) العصمة من الفتن لا تكون إلا من قلب يؤمن ويتلفظ في كل نبضة من نبضاته بأن لا إله إلا الله وبان الدين حق وبأن الساعة قائمة وأن الدنيا إل زوال وأن الآخرة هي الباقية


(لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا)


هذا الرجل البسيط الفقير المتواضع صاح الإمكانيات المادية البسيطة الذي لا يملك شيئاً من متاع الدنيا، هذا الإنسان البسيط رزق نعمة الإيمان والتوحيد لله عز وجل ورزق نعمة أخرى كثير منا مع الأسف في هذه الأيام أمام فتنة الرزق يضعف أمامها
"حسن الظن بالله عز وجل"،


كيف يكون حسن الظن بالله




كم مرة أنا أسأت الظن بالله حين يمنع عني ما أريد وما أسعى إليه؟ كم مرة قلت أعطى ربي فلاناً ولم يعطني؟ كم مرة حدّثت بها نفسي؟ كم مرة قلت لماذا فلان عنده عشر أولاد وأنا ما عندي ولا ولد؟ كم مرة فكرت واعترضت على أحكام خالقي حتى ولو كان هذا الاعتراض في قلبي؟! كم مرة خطر ببالي لماذا يفتح الله عز وجل الدنيا على من كفر به ويمنعها عمن لم يكفر به ويؤمن به؟ كم مرة تصورت واهماً غير متيقن بالله غير مدرك لحكمته سبحانه وعلمه وقدرته المطلقة كم مرة قلت مع نفسي لماذا الكافر يمتلك من أسباب القوة ويقتل ويضرب ويسفك وأنا ضعيف فقير لا أستطيع أن أدفع أو أمنع عن نفسي الضر ولا أن أستجلب النفع؟ كم مرة أسأت الأدب وأسأت الظن مع الله عز وجل؟


لكن سورة الكهف تقدم لي نموذجاً من البشر يحسن بالظن بالله مهما انتكست أحواله المادية، الدنيا طلعت أو نزلت محسن الظن بالله عز وجل، مؤمن، يقول
(لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي)
أعطاني أو منعني، أخذ مني أم لم يأخذ مني، عطاؤه ومنعه عطاء وعطاؤه ومنعه ابتلاء وأنا في كِلا الحالتين أحتاج لتوحيده والإيمان به والاعتصام بحبله.

(لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي)



هو ربي سواء كنت مريضاً أو صحيح الجسم، هو ربي سواء كنت أستطيع أن أمشي على قدميّ أم كنت لا أستطيع المشي إلا على كرسي متحرك، هو ربي وحبيبي وخالقي والحنّان المنّان الغفور الرحيم سواء أعطاني أو منع عني، هو ربي سواء قُتِلت في سبيله أو أحد اعتدى عليّ أو سُلّط عليّ، هو ربي.



هذه القضية قضية محسومة في قلبي، في نفسي، هذه قضية غير خاضعة للعطاء وللمنع، المؤمن الذي يخضع إيمانه بالله للعطاء والمنع مؤمن ضعيف الإيمان يحتاج لتصحيح التوحيد وسورة الكهف تعزز هذا التوحيد وتصححه من جديد وتوقظ في نفسي نور التوحيد ليشع على قلبي من جديد.



المؤمن لا يحسد




إيمانك بالله لا ينبغي أن يتزعزع ولا يكون محط تساؤل. إ

ذا أردت إيماناً يصل بك لجنات الفردوس، إذا أردت إيماناً يصل بك إلى أحسن العمل عليك أن تدرك أن الإيمان بالله وتوحيد الله سبحانه غير قابل للخضوع إلى معادلات العطاء والمنع كما يقع البعض في هذه الفتن.

وانظر إلى قول الإنسان هذا البسيط المتواضع الذي حُرِم من متاع الدنيا وأعطي أعظم متاع


(وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ)


لو أنا كنت في مكانك، انظر، هنا انتهى موضوع الحسد لأن بعض الناس حين يرى النعم المادية الظاهرة التي قد أعطيت لفلان أو فلان من الناس أول شيء يتبادر إلى قلبه هو قضية الحسد.



الله أعطى فلاناً وهو كافر ولا يصلي ومنع عني وأنا أصلي وأشهد؟!! أما إيمانك وشهادتك بالله وصلاتك فهل هي لأجل العطاء؟! إن أعطاك آمنت به وإن منع عنك كفرت به؟! هذا ليس بإيمان!
أما الحسد والنظر إلى ما في أيدي الناس، انظر إلى هذا الإنسان الفقير المتواضع، الحسد من أعظم الأعمال التي تأخذ الدين وتجتثّ جذور التوحيد من القلب، لماذا؟

لأن الحسد يتضمن الاعتراض على حكم الله وحكمته سبحانه وتعالى ومحاولة التدخل وإساءة الأدب مع الله عز وجل في الفصل بين عباده، هو رب، هو خالق، هو سيد في مملكته عز وجل يعطي ويمنع كما يريد وكما يشاء ويفعل ما يريد ونحن عبيد في مملكته سواء أعطانا أو منعنا، رضينا بذلك أم لم نرضى، هذا هو الإيمان


معنى


(مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)


(وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا )(39)الكهف

وهنا كلمة
(مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)
مفتاح لمن أراد أن يحافظ على نعمة، من أراد أن يصون نعمة منّ الله بها عليه سواء كان من مال من موهبة من علم من ولد، أي شيء، أول كلمة عليه أن يقولها وتبقى دائماً في قلبه


(مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)


وما معنى


(مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)؟

هذا العطاء هو مشيئة الله عز وجل هذا العطاء نسبته لله، أنا لا أملكه، أنا لا أستحقه، أنا لا أضع نفسي كما وضع قارون نفسه حين قال (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي (78) القصص) لا، أنا لم أؤتى هذا المال وهذا الرزق على علم، صحيح الأخذ بالأسباب مطلوب ولكني قد آخذ بكل أسباب الدنيا طولاً وعرضاً ثم لا يكون لي فيها إلا ما قدّره الله عز وجل، أنا ربما آخذ بالأسباب ولا أنجح ولا أوفّق لنجاح ولا أوفق لعطاء ولا أوفق لربح تجارة أنت قد تكون تاجراً ماهراً وتعرف كل أساليب النجاح في الشركات والمؤسسات ولكن ربما تقوم بصفقة تقوم بصفقة ثم ربي عز وجل لا يسمح لك بأن تنهي هذه الصفقة أو تكون صفقة خاسرة، من الذي أعطى ومنع؟


الله.

إذن لا يخرج الأمر عن مشيئة الله عز وجل ومقتضة إيماني وتوحيدي لله عز وجل يقتضي أن أؤمن بهذه الحقيقة وأن أستحضر هذه الحقيقة ولذا جاء –تأملوا الربط- الآيات التي في الكلام عن القصة في بداياتها في قصة أهل الكهف عندما علّم الله سبحانه وتعالى نبيه والمؤمنين أدباً رفيعاً


(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ)


كل شيء بمشيئة الله عز وجل كل شيء بأمره، أنا حين أقول سأفعل ذلك بعد ساعة أو غداً من الذي يملك تلك الساعة؟ من الذي يملك أن يجعلني من أهل تلك الساعة أو من أهل ذلك اليوم؟ من الذي يملك أنفاس الحياة؟


كنز من كنوز الجنة



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) 1040360_max.jpg&



لا ينبغي لي أن أنسى أو أن أغفل حتى ما أنسى أبداً ولا أغفل عن ذكر الله لأن هذا مدخل من مداخل الشيطان ومدخل من مداخل الفتن، باي شيء؟

أن أتصور أن أفعل شيئاً دون مشيئة الله سبحانه.



وقد يقول قائل نحن في خضم الانشغالات نقول سافع ذلك غداً وأنا لا أقصدها وأوحّد الله وأعلم أن كل شيء بأمره ولكني نسيت ولذلك ربي سبحانه وتعالى قال



(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) النسيان منهي عنه، ينبغي أن لا أنسى قلباً ولساناً وعملاً وسلوكاً أنه ما من عمل إلا والله سبحانه وتعالى هو المريد له هو المحرّك له هو من يمكنني من القيام بالعمل، هذا إيمان، هذه العبادة ما أصبحت كلمة ما شاء الله مجرد كلمة تقال باللسان، لا، أصبحت عبادة، أصبحت من أعظم العبادات، وكذا "إن شاء الله" لماذا؟



لأني حين أقول وأردد هذه الكلمة أستحضر وأجدد توحيدي وإيماني بأنه ما من عمل أقوم به إلا ومشيئة الله غالبة عليّ.


(لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)


تأملوا معي كنز من كنوز الجنة


"لا حول ولا قوة إلا بالله"


ما معناها؟

أنا ضعيف أبرأ من كل حول لي وقوة، إلى من؟

إلى حولك وقوتك (لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) لا المال ولا الجاه ولا الحاشية ولا الجيوش ولا القصور ولا حسابات البنوك ولا أي شيء في الدنيا (لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) من استقوى بالله أعانه وقوّاه ومن استقوى بغيره أضلّه وأذلّه وأضعفه وأرداه، هذه هي الحقيقة. أنت تستقوي بمن؟ بجيوش؟ بحاشية؟ بنفر كما في صاحب الجنتين؟ انظر إلى النهاية!.



تربية النفس على الرضا بأقدار



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) ~1455977963_L.jpg&am


دعونا قبل أن نصل إلى نهاية قصة صاحب الجنتين نكمل حوار هذا الإنسان المؤمن المتواضع صاحب الرزق البسيط الذي لم تجعل منه فتنة تقليل الرزق أو تقتير الرزق عبداً مخالفاً لربه جاحداً ساخطاً على قضاء ربه.

وأنا أتساءل كم من المرات لم ننجح في هذا الاختبار؟! كم مرة ابتلينا بقلة الرزق أو بضيق الرزق ولو لفترة محددة ولم ننجح؟ كم مرة؟! كم مرة تزعزع الإيمان وتزعزعت محبة الله عز وجل في قلوبنا ولو بيننا وبين أنفسنا لم نُبِح بذلك لأحد نتيجة لقلة الرزق نتيجة لعدم تحقق أمنية كنا نسعى إليها، نتيجة لعدم ربحنا في تجارة طالما طلبناها وسعينا إليها، كم مرة؟! كم مرة؟!

انظر إلى هذا الرجل
(إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا)
أنت ترى قلة المال والولد أما أنا فلا أرى القلة في المال والولد
(فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ)

هذه الجنة التي تغتر بها في الدنيا عسى ربي، أسأل ربي أن يؤتيني خيراً منها، الرجل المؤمن كان يتعلق قلبه بالآخرة كان ينظر إلى جنان الآخرة التي لا تفنى التي لا تزول ولا تحول لكن جنات الدنيا حتى وإن بقيت ولم تُهلك بأي نوع من أنواع العواصف أو الكوارث في النهاية ستزول


ولذا بدا ربي في بداية سورة الكهف
(وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8))
القضية منتهية، كل ما على الأرض إلى زوال والبقاء الحقيقي هو لجنان الآخرة ولذا هذا الرجل المتواضع البسيط نجح في فتنة الرزق، كيف نجح؟

أن قلة الرزق لم تجعله يصل إلى مرحلة السخط على ربه بل على العكس جعلته يرتقي وينجح ويمر ويعبر ليصل إلى مرحلة الرضى وهذا هو النجاح.


جزاء التكبّر والغرور



تدبر ســـورة الكهف لد.رقية العلواني (فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين) large_1238265443.jpg


(وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا)
الرجل الفقير المؤمن الأمور كانت واضحة عنده الفتن ما كانت لتغيره لماذا؟
هذا أثر التوحيد والإيمان، هذا ما تريد سورة الكهف أن تصنعه في قلبي وقلبك.

(أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا)

يا صاحب الجنتين من الذي أجرى لك النهر؟!


من الذي أخرج لك الماء وجعله متدفقاً ولم يذهب به في جوف الأرض؟!


يا صاحب الجنتين من الذي أعطاك؟



الآية التي تليها، مباشرة جاءت الآية
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ)
هذا الرجل الذي كان قبل قليل يقول ما أظن أن تبيد هذه أبداً، أحيط بثمره، انتهت، الجنتان أصبحت قضية منتهية أصبحت ماضياً أصبحت ذكرى!

ولنا أن نتساءل كم من مغرور مغتر بجاهه وبماله وبسلطته وبملكه وبعرشه زلزل العرش من تحت قدميه؟! كم كم من مغتر بماله وحاشيه أخذ عنه كل شيء وسلب منه كل شيء؟!
(فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ)


حسرة وندامة هذا في الدنيا وليس في الآخرة


(َعلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا)



ووصل إلى الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن قلب إنسان يق يريد العصمة من الفتن (وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا)


إذن الشرك!

ما من عمل يمكن أن يستجلب النقم والعذاب والابتلاء في الدنيا كالشرك بالله عز وجل وعدم تمحيص التوحيد



من هو السعيد الحقيقي ؟



(وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ)


تلك العزوة، تلك الحاشية التي كان يستنصر بها ويغتر بها


(وَأَعَزُّ نَفَرًا)


انتهت


(وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (43)


هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44))


انظر إلى هذه الآيات العظيمة ماذا تصنع في نفسي؟


شيء طبيعي بعد كل تدبري ووقفاتي مع هذه الآية أن أبدأ استشعر معاني النور الذي تضيئه في قلبي وفي صدري سورة الكهف العظيمة، شيء طبيعي، كثرة الرزق وفتح أبواب الدنيا لا تدل على رضى الله عز وجل ولا تدل على أن هذا الإنسان كريم عند ربه كما أن قلة الرزق أو ضيق ذات اليد لسبب أو لآخر لا تدل على أن الله لا يحبك ربك يحبك ربك قد يمنع عنك ليعطيك وقد يعطيك ليبتليك وعليك في كلتا الحالتين أن تنجح في الامتحان وأن تتعلم كيف تجيب على أسئلة تلك الامتحانات قولاً وفعلاً ورضى وعطاء وأخذاً بالأسباب مع إدراك أن قدرة الله سبحانه وتعالى مطلقة.



ولذا جاءت الآية التي تليها


(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)


الدنيا التي تغترون بها


(كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا)


هذه الدنيا التي قد شغلتكم وشغلتم بها أخذاً ورداً وصعوداً ونزولاً وهذا وذاك هذه الدنيا لا قيمة لها مختصرها في آية واحدة


(كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ)


انتهى


(وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا)


إذن من السعيد فيها يا رب؟


السعيد الذي يتزود منها بأحسن العمل،


ومن الشقي؟



ليس الذي حُرم أو قُتر عليه الرزق فيها ليس الذي ظُلم ولم يستطع أن يرد الظلم، ليس هذا ولا ذاك، الشقي الحقيقي في هذه الدنيا من خرج منها وهو يعتقد أنه يحسن العمل والله قد أضل سعيه ما ستأتي الآيات الأخيرة في سورة الكهف.


السعيد الحقيقي هو الذي يأخذ الدنيا على أنها فرصة وغنيمة يغتنم منها كل ثانية وكل لحظة فلا تمر عليه ولا ترمش عينه أبداً إلا بذكر الله سبحانه في قلبه أو على لسانه أو بفعله وسلوكه، جعل الدنيا ميداناً للأعمال الصالحة سباقاً يتسابق فيه ليس لجمع الأموال ولا للزيادة من مدح وثناء الناس ولا جري ولا لهث وراء متاع الدنيا الزائل الذي لا قيمة له وإنما سعياً في الخيرات وعملاً للصالحات وإرضاء لرب يجازي بالخير خيراً وإحساناً ربّ رحمن رحيم قدرته مطلقة


(وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا)
(وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا)
إذن اكتشف صاحب الجنتين بعد فوات الأوان بعد انقضاء المحنة، بعد انقضاء الفتنة بعد انقضاء الامتحان اكتشف أنه كان على خطأ اكتشف أن أعظم جريمة ارتكبها في حق نفسه ظلمه لنفسه بعده عن الله سبحانه وتعالى، عدم توحيده وإشراكه.

النجاح الحقيقي أني حين ابتلى بضيق في الرزق، أي شيء، يمكن ربي سبحانه وتعالى يمنع عني الأطفال لا يهبني أطفالاً أو يمنع عني زواج أو يرزقني بأولاد فيهم مشكلة، أي شيء، ملك سبحانه وتعالى!

هذا النوع من أنواع الابتلاءات والامتحانات عليك أن تحوله بدل أن يصل بك إلى مرحلة السخط على ربك وقضائه وحكمه عليك أن يصل بك إلى مرحلة الإيمان والرضى بأمر الله سبحانه وتعالى





اسلاميات











الكلمات الدلالية (Tags)
(فهم, في, قصة, لد.رقية, واقع, الكهف, الجنتين), الحياة, العلواني, تدبر, ســـورة, صاحب

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:29 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل