تدبر آية....(الكلم الطيب) 3 من [ امانى يسرى محمد ]

القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23826
1249 0
انواع عرض الموضوع
02-18-2023 05:38 AM
#1  

افتراضيمختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" ‏[البقرة:177]


﴿۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ*ۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ١٧٧﴾ [البقرة: 177]


السؤال الأول:

قوله تعالى في آية البقرة: ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ ﴾ [البقرة:177] بالنصب، وقوله تعالى في آية البقرة: ﴿ وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ ﴾ [البقرة:189] بالرفع، فما دلالة الرفع ودلالة النصب؟ وما الفرق بينهما نحوياً؟


الجواب:

1ـ التعبير أصلاً مختلف ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ ﴾ [البقرة:177]: البِرَّ: خبر (ليس) منصوب مقدَّم؛ لأنَّ خبر (ليس) يجوزُ تقديمه، و﴿ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ ﴾ [البقرة:177] مصدر مُؤَوَّلٌ بمعنى التوليةِ في محل رفع اسم (ليس)، وخارج القرآن معناهامختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" ‏[البقرة:177] frown.gifليست توليتُكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البِرَّ).
2ـ الثانية: ﴿ وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ بِأَن تَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ ﴾ [البقرة:189] لا يصح لغةً في الآية الثانية أنْ يقولمختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" ‏[البقرة:177] frown.gifليسَ البِرَّ بأنْ).
هذه الباءُ تدخل على الخبرِ مثل (خبرِ ليس، وما، لا، وكان المنفية) ولا تدخل على الاسم، كما في الآيات: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ١٨٢﴾ [آل عمران:182] ﴿ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ٨﴾ [التين:8] و﴿ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ٨﴾ [البقرة:8] والباء لا تدخل على الاسم أصلاً.
3ـ الآية الأولى يمكن أنْ يقال فيها: ليس البرُّ أو ليس البرَّ؛ لأنه يمكن أنْ يكون هناك تقديم وتأخيرٌ، لكنّ الآية الثانية لا يمكِنُ؛ لأنَّه ما دام عندنا (الباءُ)، والباءُ تدخلُ على الخبرِ حتماً مزيدةً للتأكيد ولا تزادُ في الاسمِ، فإذن لا يمكِنُ أنْ ننصبَ (البِرَّ) بسببِ دخولِ الباءِ؛ فاقتضى أنْ تكون الباءُ داخلةً على خبرِ (ليس)، ولا يمكِنُ غيرُ ذلك.
4ـ بشكلٍ عامٍّ يصح أنْ نجعلَ الخبرَ مبتدأً، إذا كنا نجهَلُ الاسمَ ونعرِفُ الوصفَ فنُلحِقُ الاسمَ بالوصفِ ونقولُ: (المجتهد زيدٌ).


السؤال الثاني:

ما الفرق البلاغي بين الصيغتين في الآيتين 177 و 189 ﴿ أَن تُوَلُّواْ ﴾ [البقرة:177] و ﴿ بِأَن تَأۡتُواْ ﴾ [البقرة:189]؟


الجواب:

1ـ استعملت العربُ الباءَ لتأكيدِ النفيِ، كما استعملت اللامَ في تأكيدِ الإثباتِ نحو: (ما زيد بمنطلق) و (لست بذاهبٍ)، حيث نفي الانطلاق والذهاب، وتستعمل (الباء) عادة لتوكيد النفي، وخاصة عندما يكون النفي له قيمته.
2ـ جاء في سبب نزول الآية 189: أنّ أهل الجاهلية إذا أحرم أحدُهم نَقَبَ خلف بيته أو خيمته نقباً يدخل منه ويخرج، أو يتخذ سلماً يصعد منه سطح داره ثم ينحدر، فقيل لهم: ليس البر بتحرُّجِكُم عن دخول الباب، ولكنّ البر من اتقى، أي أعلمهم أنّ تشديدهم في أمر الإحرام ليس بِبِرٍّ ولكن البِرَّ من اتقى مخالفة أوامر الله، وأمرهم بترك سنة الجاهلية، فقال: ﴿ وَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِنۡ أَبۡوَٰبِهَاۚ﴾ [البقرة:189].
لذلك جاءت الباء في قوله: ﴿ بِأَن تَأۡتُواْ ﴾ [البقرة:189] لتأكيد النفي في هذه المسألة، حيث كانت هذه المسألة تشدداً منهم ولم يرد الله أنْ يُشرِّعَ ذلك فأكَّد النفي بالباءِ، لأنَّ ترك المألوفاتِ أشقُّ شيءٍ على النفس.
وجاءت هذه المسألة في سياقِ الآياتِ التي تتكلَّمُ عن الحج ومناسكه بعد هذه الآية، بينما لم يأتِ مثلُ ذلك في الآية 177، فلم يتطلب الأمر التأكيد بالباء، والله أعلم.
3ـ وكأنّ معنى الآية 189، أي: لا تجعلوا المسائل شكلية؛ لأنّ الله يريد أصل البر وهو الشيء الحسن النافع.


السؤال الثالث:

لِمَ قال سبحانه: ﴿ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ [البقرة:177] ولم يقل: وهو يحبه، في قوله تعالى: ﴿ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [البقرة:177]؟


الجواب:

تأمل كيف قال سبحانه: ﴿ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ ولم يقل: وهو يحبه؛ لأنّ (على) أفادت التمكن من حب المال وشدة التعلق به، فنبّه بها على أبعد أحوال التعلق بالمال، فإذا كنت في حالة شدة حبك للمال تنفقه في سبيل الله وأنت مرتاح النفس، فكيف بك في أحوالك الأخرى؟


السؤال الرابع:

ما دلالة نصب ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ في هذه الآية في قوله تعالى: ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ ﴾؟


الجواب:

هذا يُسمّى القطع، والقطع يكون في الصفات أو العطف.
وإذا كان من باب الصفات فالقطع يكون للأمر المهم، ويكون القطع في الصفات مع المرفوع للمنصوب ومع المنصوب للمرفوع ومع المجرور للمرفوع، والآية موضع السؤال هي من القطع من العطف لأهمية المقطوع.
والمقطوع يكون مفعولاً به بمعنى أخُصُّ أو أمدَحُ ويسمى مقطوعاً على المدحِ أو الذَّمِّ، وفي الآية ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ مقطوعةٌ وهي تعني: أخُصُّ أو أمدَحُ الصابرين، وكأننا نسلِّطُ الضَّوءَ على المقطوعِ، فالكلمةُ التي نريد أنْ نركِّزَ عليها أو نسلِّطُ عليها الضوءَ نقطَعُها.
لذلك (الصابرين): منصوبة ركّز عليها وقطع، ولم يقل: (الصابرون) بحيث تكون معطوفة على (الموفون) بل عطف على خبر (لكنَّ)؛ لأنّ الصابرين يكونون في الحرب والسلم وفي البأساء وهي عموم الشدة، والإصابة في الأموال والضرّاء في البدن والدين كله صبر، فقطع الصابرين لأهميتها.
والصبر هنا له منزلة عالية في البأساء والضراء، فنصبها إشارة إلى تخصص الصابرين وتمييزهم بين المذكورين، وتقديرا لفعل محذوف (أخصُّ الصابرين).


السؤال الخامس:

ما الفرق بين البأساء والضراء في الآية: ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ ﴾؟


الجواب:

1ـ البأساء: هي البؤس والفقر والشدة والحرب والمشقة.
2ـ الضراء: هي المرض والأوجاع في الأبدان وما يصيب الأموال أيضاً، والإصابة في الأبدان من مرض وأوجاع، والإصابة في الأموال هي من الضراء.
وهما اسمان على وزن فعلاء، ولا أفعل لهما لأنهما ليسا بِنَعتَينِ.


السؤال السادس:

ما تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ﴾ في الآية؟ و لمَ لمْ يقل: لكن البر أنْ تؤمنوا، باعتبار أنّ البر هو الإيمان وليناسب الجزء الأول من الآية الذي أتى بالخبر مصدراً؟


الجواب:

جاء في آية البقرة 177 بالمصدر المؤول (أنْ تولوا = التولية) فافترض بعضهم أنّ يستعمل المصدر في الجزء الثاني من الآية أيضاً ليتناسب مع المصدر في بدايتها، فيقول: ولكن البر أنْ تؤمنوا، وكذلك في الآية الثانية.
وفي لغة العرب يمكن أنْ يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه، كما في قوله تعالى: ﴿ وَسۡ*َٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ﴾ [يوسف:82]، ففيها مضاف محذوف تقديره: (واسأل أهل القرية) فحذف كلمةَ (أهل) وجعل كلمة (قرية) مكانها، وأخذت موقعها الإعرابيَّ.
فعندما يقول القرآن: ﴿ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ ﴾ [البقرة:189] كأن هذا المتقي صار هو البِرُّ بعينه. فالبِرُّ الحقيقيُّ هو هذا الذي وصفناه بهذه الكلمة، البرُّ هو هذا الذي اتقى أو هذا الذي توفرت فيه هذه الصفات.


السؤال السابع:

ما هدف هذه الآية؟


الجواب:

آـ أصل الكلام في الآيتين (177 و 189) هو عن القبلة التي هي أولى بالاتجاه نحوها؟ وفي أيِّ اتجاه يكون البِرُّ؟
والقرآن يريد أنْ يبين لمن يسمعه سواء أكان من المسلمين أم من غيرهم ما البِرُّ الحقيقي؛ فقال: ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ ﴾ [البقرة:177].
ب ـ نلحظ أنه استعمل الفعل المضارع ﴿ تُوَلُّواْ ﴾ بمعنى التحول والتحرك، أي: تولية الوجه، ووصف البر بأنه من تتمثل فيه هذه الصفات، وهي من الآيات الجامعة التي تبين لنا أنّ البر يكون ممثلاً كاملاً في هذا الانسان المتصف بهذه الصفات.

ج ـ وتمضي الآية تعدد صفاته:
- الإيمان بالله بكل ما يقتضيه من تطبيق ومن اعتقاد.
- ثم انتقل إلى الغيبيات من الإيمان باليوم الآخر والملائكة.
- والكتاب: ونلحظ استعمال الجنس (الكتاب) أي: جنس الكتاب.
- والنبيين: استعمل (النبيين) دون المرسلين؛ لأنّ عدد الأنبياء أكثر من عدد الرسل، فكل رسول نبي، وليس كلّ نبيٍّ رسولاً.
_ ثم انتقل إلى المعاملات: ﴿ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾.
_ ثم بين نوع الإيتاء، فهو ليس من الفرض والزكاة.
_ وبيّن الفئات التي يصلها العطاء وتستحقه، فبدأ بذوي القربى من باب حرصه على الأرحام، وثنّى باليتامى، ثم بالمساكين الذين يحتاج المرء إلى البحث عنهم ليعرفهم، وهذا من التوجيهات الاجتماعية القرآنية في الرعاية المالية، ثم ذكر (ابن السبيل) ليطمئن المسلم على نفسه أنّى كان، فإذا انقطع به المال في سفر فإنّ له حقا في هذا المال، وذكر السائلين «من سأل بالله فأعطوه» فلا يبحث المرء أمحتاج هذا السائل أم لا؟ ما دام يسأل فعليَّ أنْ أعطي إنْ كنت قادراً. والسائلون ليسوا هم المساكين، ثم ختم بالرقاب.
وهذه الكلمة يثيرها بعض من لم يطلعوا على حقيقة الإسلام شبهةً ضده فيقولون: إنّ الإسلام يقر الرق ويدعو إلى العبودية، والحقيقة هي أنّ الإسلام أبقى منفذاً واحداً للرق وهو (رقيق الحرب) ثم فتح أبواباً لإخراج العبد من حالة عبوديته بالصدقات والكفارات والترغيب في العتق، وباباً آخر وهو (المكاتبة) فيحق لكل فرد من الرقيق أنْ يذهب إلى القاضي ويطلب مكاتبة سيده، فيرغمه القاضي على المكاتبة إلى أنْ يتخلص العبد من الرق، وهو من مصارف الإنفاق الطوعي ﴿ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾.
ـ ﴿ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ انتقل بعد ذلك إلى تهذيب النفس وصلتها بالله.
ـ ﴿ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ ﴾ وهذا تأكيد على أنّ الإنفاق المالي المتقدم ليس من الفرض والزكاة، فالزكاة مال تجمعه الدولة وتتولى إنفاقه في مصارفه، أمّا المذكور سابقاً فإنفاق شخصيٌّ يختلف عن هذا، وفي أيامنا تركت دول كثيرة جمع الزكاة إلى الناس أنفسهم وهذا امتحان لهم.
د ـ الحق تبارك وتعالى اعتبر في تحقيق ماهية البر خمسة أمور؛ وهي: الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والرسل، وقد خصّ الإيمان بهذه الأمور الخمسة؛ لأنه دخل تحتها كل ما يلزم أن نصَّدق به.والله أعلم.


السؤال الثامن:

لِمَ قدَّمَ الملائكةَ والكتبَ في الذكر على الرسل؟


الجواب:

بالطبع لا علم لنا بوجود الملائكة وصدق الكتب إلاّ من خلال صدق الرسل، فكانت الرسل كالأصل في معرفة الملائكة والكتب، كما أنّ هذا الترتيب هو ترتيب الوجود الخارجي لا ترتيب الاعتبار الذهني، فقد وجدت الملائكة، أولاً ثم حصل بواسطتهم تبليغ الكتب إلى الرسل عليهم السلام.


السؤال التاسع:

لم قدّم الإيمان على أفعال الجوارح مثل إيتاء المال والصلاة والزكاة؟
الجواب:
للتنبيه على أنّ أعمال القلوب أشرف عند الله من أعمال الجوارح.


السؤال العاشر:

ماذا تفيد (الواوات) من معنى في الآية؟


الجواب:

هذه الواوات في الآية للجمع، لذلك من شرائط تمام البر أنْ تجتمع هذه الأوصاف معاً.
ولذلك قال بعضهم هذه الصفة خاصة للأنبياء عليهم السلام؛ لأنّ غيرهم لا تجتمع فيه هذه الصفات كلها. وقال آخرون: هذه عامة في جميع المؤمنين.


السؤال الحادي عشر:

ما دلالة انتقال الحديث من الإفراد إلى الجمع في الآية؟


الجواب:

نلحظ انتقال الحديث إلى الجمع، فالكلام المتقدم فردي، وقد تقدمت (مَن) وهي تحتمل الجمع والإفراد، فبدأ بالإفراد (الإيمان ـ الإنفاق الفردي من رعاية ذوي القربى واليتامى والإنفاق على المساكين، والصلاة والزكاة).
ثم انتقل إلى العمل الجماعي لأنّ (مَن) تجمع الاثنين: الإفراد والجمع، وفي العمل الجماعي ذكر:
1ـ الوفاء بالعهد، ويجوز أنْ نقول: (نحترم من يفي بعهده ـ ومن يوفون بعهدهم)؛ لأنها تصدق على الواحد والكثرة.
وقد جعل الوفاء بالعهد عاماً ليشمل وفاء المجتمع بالعهد، والفرد جزء من المجتمع، فأي فرد من المسلمين يمكن أنْ يعاهد عن بقية المسلمين، وهم جميعا ملزمون بالوفاء بعهده (يسعى بذمتهم أدناهم).
والوفاء بالعهد ليس سهلاً على المرء في مواطن كثيرة، إذ يصعب على النفس، وقد تشعر أن فيه هضماً لحقها، ونتذكر جميعا كيف كان المسلمون يأتون من مكة إلى الرسول ﷺ فيردهم وفاء لعهده مع المشركين في صلح الحديبية.
2ـ قوله تعالى: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ﴾ جاء باسم الإشارة ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ﴾ للبعيد ليقول: إنّ على المسلم أنْ يسعى ليكون مثلهم ويصل إليهم وإلى هذه الصفات.
﴿ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ والسؤال هنا لم جاء بالضمير ﴿ هُمُ ﴾ ؟
والجواب أنّ ﴿ هُمُ ﴾ [البقرة:177] ضمير فصل يؤتى به ليميز بين الخبر والصفة، وفيه أيضاً معنى التوكيد، ونفي الوصفية التي قد تفهم إنْ حُذف الضمير، فأثبت لهم الخبرية توكيداً وتخصيصاً.
3ـ جاء بعد كل الصفات المتقدمة بوصف المتقين، لأنّ ما ذكره الله عزوجل في هذه الآية من العقائد والأعمال الحسنة،هي برهان الإيمان ونوره، والمتصفون بها هم ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾. والله أعلم.


السؤال الثاني عشر:

ما دلالة هذه الآية بشكل عام؟


الجواب:

1 ـ هذه الآية لخّصت الدينَ كله، فالحق سبحانه قال في بدايتها:
﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ ﴾:
ثم جاء التفصيل على النحو التالي:
أولاً: من آمن:
1ـ بالله.

2ـ واليوم الآخر.
3ـ والملائكة.
4ـ والكتاب.
5 ـ والنبين.
ثانياً: وآتى المال على حبه:
1ـ ذوي القربى.
2ـ واليتامى.
3ـ والمساكين.
4ـ وابن السبيل.
5ـ والسائلين.
6ـ وفي الرقاب.
ثالثاً: وكذلك:
1ـ وأقام الصلاة.
2 ـ وآتى الزكاة.
3ـ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا.
4 ـ والصابرين:
آ ـ في البأساء.
ب ـ والضرّاء.
ج ـ وحين البأس.
ثم تختم الآية بقوله تعالى:
﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾.
2ـ كانت اليهود تتوجه للمغرب كقِبلة لهم، والنصارى تتوجه للمشرق كقبلة لهم،ويعتبرون ذلك هو البِر، فأنزل الله هذه الآية، فبيّن أنّ البرّ ليس هو أمر القبلة حتى يحدث فيه الخلاف والشقاق، لأنّ التوجه للقبلة هو من الوسائل وليس من المقاصد، وإنما البرّ المطلوب هو الخصال العشر التي تضمنتها الآية، خمس منها في أصول الإيمان والعقيدة وهي:
ـ الإيمان بالله تعالى.
ـ الإيمان باليوم الآخر.
ـ الإيمان بالملائكة.
ـ الإيمان بجميع كتب الله المنزّلة.
ـ الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله.
وهذا في قوله تعالى: ﴿ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ*ۧنَ ﴾.
وأمّا الإيمان بالقضاء والقدر فقد جاء في آية القمر: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ٤٩﴾ [القمر:49].
وأمّا الخمس الأخرى فتتعلق بالأعمال الصالحة في التعامل مع الناس وهي:
ـ بذل المال قليلاً أو كثيراً لـ: ﴿ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾.
ـ أقام الصلاة.
ـ آتى الزكاة.
ـ الوفاء بالعهد والمواثيق.

ـ الصبر في البأساء والضراء وحين البأس.

3 ـ النتيجة: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ١٧٧ ﴾.
والله أعلم.




مثنى محمد هيبان
رابطة العلماء السوريين











الكلمات الدلالية (Tags)
", ‏[البقرة:177], في, من, مختارات, القرآن", البيان, تفسير, روائع, سور


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دار LILI BLANC يطلق مجموعة "Reflection" لموسم ربيع وصيف 2023 ام رونزا ازياء وملابس موضة واناقة 5 02-23-2023 02:28 AM
"مركبات جديدة" مميزات لعبة جراند ثفت أوتو 5 الإصدار الأخير 2021 Grand Theft Auto ام رونزا مواضيع عامه ومنوعه 0 11-23-2021 01:44 AM
Garnier Skin Naturals BB،كريم أساس"Fit Me،ماسكرا Twist Up The Volume،مصحح الحواجب من "MN ام رونزا ميك اب ومكياج 0 10-27-2020 10:31 PM
Bento lunchbox ideas افكار لاعداد وجبة فطور صحيه،أحدث أفكار "اللانش بوكس" لتعزيز مناعة طفلك ام رونزا اطباق واكلات للاطفال 0 09-19-2020 04:54 PM
صور من الريف تحاكي البيئة الفراتية البسيطة،صور "ديكورات" ريفية بطلّة عصرية 2020 ام رونزا صور 2021 1 06-18-2020 09:57 PM


الساعة الآن 04:15 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل