{ وإذا ما غضبوا هم يغفرون } من [ امانى يسرى محمد ]
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرً من [ امانى يسرى محمد ]

القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23204
1452 0
انواع عرض الموضوع
12-12-2022 05:44 AM
#1  

افتراضيتفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية42الى الأية46{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ل


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)}

لقد أرسل الحق لأمم سابقة رسلاً بالآيات والمنهج، فكذبتهم أقوامهم، فأخذهم الله بالشدائد والأحداث التي تضر إما في النفس، وإما في المال، بالمرض، بالفقر، لعلهم يتضرعون إلى الله سبحانه وتعالى.
إذن فالحق حين يمس الإنسان بالبأساء أي بالشدائد أو بالضراء، أي بالشيء الذي يضر ويؤذي، إنما يريد من الإنسان أن يختبر نفسه، فإن كان مؤمنا بغير الله فليذهب إلى من آمن به، ولن يرفع عنه تلك البأساء أو ذلك الضر إلا عندما يعود إلى الله: وعندما يتضرع إلى الله قد لا يقبل الله منه مثل هذا التضرع ويقول سبحانه: {فلولا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا...}.


تفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية42الى الأية46{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ل 9k=



{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)}

إنه سبحانه يحثهم ويحضهم على أن يتضرعوا ويتذللوا إلى الله ليرفع عنهم ما نزل بهم، ولكن قلوبهم القاسية تمنعهم حتى في لحظة المس بالضر أن يلجأوا إلى الله خوفاً من اتباع التكليف. إن قسوة القلب تكون بالصورة التي لا ينفذ إليها الهدى وكما قال الحق: {كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14].
أي صارت قلوبهم مغلقة ومغطاة بعد أن طبع الله وختم عليها فلا تقبل الخير ولا تميل إليه، فلا يؤمنون.

تفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية42الى الأية46{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ل p-rqaeq388c.jpg




{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)}

إنهم عندما نسوا ما جاءهم من تذكير الحق لهم بالمنهج والتوحيد من خلال الرسل إنه سبحانه يصيبهم بالعذاب الذي يفاجئهم به فيقعون في حيرة تأخذ عليهم ألبابهم وتشتت قلوبهم وتقطع رجاءهم.
والرسل إنما تأتي لتذكر؛ لأن الإيمان موجود بالفطرة. ولكن الغفلة هي التي تخفي الإيمان. والإنسان يحيا في كون مليء بالنعم ولا دخل لأحد بها، ولابد لأحد فيها، ولم يدعها أحد لنفسه، كان يجب على هذا الإنسان أن يعيش دائماً في رحاب الحمد لله، مولى هذه النعمة.
والتذكير من الحق لعباده يكون بالنعم أو الرسل الذين يأتون بالرسالات المتوالية. وهب أن إنساناً قد غفل عن نعمة الله في الطعام، ثم جاءت لحظة الجوع، فجلس يشتهي الطعام فمنحه الله ذلك الطعام فكيف ينسى لحظة الشبع من وهب له هذا الطعام.

{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} إما أن يكون هو الإخبار بواسطة الرسل الذين يذكرون الناس بأن المنعم هو الله، وأن الله أنزل المنهج ليصلح الكون به، وإما أن يكون بواسطة النعم التي تمر على الإنسان في كل لحظة من اللحظات؛ لأنها تنبه الإنسان إلى أن هناك من أعطاها. مثال ذلك ساعة يستر الإنسان عورته وجسده بلباس جميل، ألا يتساءل عن الذي وهب الصانع تلك الموهبة التي صمم بها الزي. إذن كيف يأخذ الإنسان النعمة ولا يتذكر المنعم؟ إن الله سبحانه لا يحرمهم من النعم ساعة أن تركوا شكرها، بل يفتح عليهم أبواب كل شيء، أي يعطيهم من النعم أكثر وأكثر، فيترفون ويعيشون في ألوان من حياة العز والصحة والسعة والجاه والسيطرة والمكانة. ثم ما الذي يحدث؟ {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ}.
وقلنا من قبل هذا المثل الريفي: لا يقع أحد من فوق الحصير. ولكن الحق يعلي الكافر المشرك في بعض الأحيان ثم يأخذه بغتة فيقع ليكون الألم عظيماً. فإن رأيت إنساناً أسرف على نفسه ووسع الحق عليه في نظام الحياة. إياك أن تفتن وتقول: آه إن الكافر الظالم يركب أفخر السيارات ويعيش في أبهى القصور، لا تقل ذلك لأنك سترى نهاية هذا الظالم البشعة.
وانظر إلى دقة التعبير في قول الحق تبارك وتعالى:
{فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} لقد فتح عليهم.. أي سلط عليهم، لا فتح لهم، ويقول الحق سبحانه في موقع آخر من القرآن الكريم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً}.
وهكذا نعرف أن الفتح لك غير الفتح عليك؛ لأن الفتح على أحد يعني الاستدراج إلى إذلال قسري سوف يحدث له. ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ} [الأنعام: 44].
إن القبض يأتي لحظة الفرح.

وكثيراً ما نرى مثل هذه الأحداث في الحياة، نلتفت إلى كارثة تحدث للعريس أو العروس في يوم الزفاف. ويصدق قول الشاعر:

مشت الحادثات في غرف الحمراء ** مشي النعي في دار عرس


وهذا يشرح القول الكريم: {حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44].

وعندما ندقق في كلمة:
{بِمَآ أوتوا} فإننا نجد أن ما حصلوا عليه من نعمة إنما جاءهم كتمهيد إلهي ييسر هذه المسائل، ثم يأخذهم الحق بغتة، أي أن الحادث الضار يأتي بدون مقدمات؛ لأن مجيء المقدمات قد يجعل الإنسان يتيقظ ويحتاط أو يتوقع ذلك. ونعرف أن الحق يقول في موقع آخر من القرآن الكريم: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ الله بَغْتَةً} [الأنعام: 47].

أي أن العذاب قد يأتي مرة بغتة، وقد يأتي مرة أخرى جهراً. والعذاب يأتي بغتة عقاباً، ويأتي جهرة حتى لا يقولن أحد: لولا أنّ مجيء العذاب بغتة لكان قد احتاط لذلك الأمر. ويأتيهم العذاب وهم مبلسون أي يائسون لا منجى ولا منقذ ولا خلاص لهم.

تفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية42الى الأية46{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ل 8e2f8ae79f0b01698db1



{فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}

وما دام هؤلاء القوم قد نسوا ما ذكِّروا به، وفتح الله عليهم أبواب كل شيء ثم فرحوا بما أوتوا وأخذهم الحق بغتة، كل ذلك يلفتنا إلى أنه يجب علينا أن نحمد الله لأن يربي الخلق بالنقمة والنعمة ويطهر الكون من المفسدين، وقطع دابر المفسدين مصيبة لهؤلاء المفسدين، ونعمة من نعم الله على المؤمنين. وقد يتساءل البعض: كيف يأتي القرآن بالنقم وكأنها نعم؟
ونجد الحق سبحانه وتعالى يقول: {يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض فانفذوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 33-36].

إنها نقم يتحدث عنها الحق كإرسال الشواظ من نار ونحاس، وهي نقم بالنسبة للكافرين وعليهم، وهي نعم للمؤمنين. ونعلم أن التهويل في أمر العذاب يجعل الناس ترتدع، وهذا الوعيد نعمة من الله. وحين يتجلى الحق بنعمه على خلقه ويقطع دابر الظالمين، يقول المؤمنون الحمد لله: {فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ والحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الأنعام: 45].
ويعود الحق إلى استنطاقهم بالإخبار عن المرئيات: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله...}.



تفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية42الى الأية46{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ل p-rqaeq194c.jpg

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)}

هنا يأمر الحق نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستنطقهم: ماذا يفعلون إن سلب الله السمع وغطى قلوبهم بما يجعلها لا تدرك شيئاً، وسلب منهم نعمة البصر، هل هناك إله آخر يستطيع أن يرد لهم ما سلبه الحق سبحانه منهم؟ لقد أخذوا نعمة الله واستعملوها لمحادَّة الله وعداوته، أخذوا السمع ولكنهم صموا عن سماع الهدى، وأخذوا الأبصار ولكنهم عموا عن رؤية آيات الله. ومنحوا القلوب ولكنهم أغلقوها في وجه قضايا الخير. فماذا يفعلون إن أخذ الله منهم هذه النعم؟ هل هناك إله آخر يلجأون إليه ليستردوا ما أخذه الله منهم؟

وترى في الحياة أن الحق قد حرم بعضاً من خلقه من نعم أدامها على خلق آخرين. إن في ذلك وسيلة إيضاح في الكون. وإياك أن تظن أيها الإنسان أن الحق حين سلب إنساناً نعمة، أنَّه يكره هذا الإنسان، إنه سبحانه أراد أن يذكر الناس بأن هناك منعماً أعلى يجب أن يؤمنوا به. فإن أخذ الحق هذه النعم من أي كافر فماذا سيفعل؟ إنه لن يستطيع شيئاً مع فعل الله.
وها هوذا النبي يوضح لهم بالبراهين الواضحة، ولكنهم مع ذلك يُعْرِضون عن التدبر والتفكر والإيمان {ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}

والمؤمن حين يرى إنساناً من أصحاب العاهات فهو يشكر الله على نعمه، إن الحق سبحانه بواسع رحمته يعطي صاحب العاهة تفوقاً في مجال آخر. ولنذكر قول الشاعر:
عميت جنيناً والذكاء من العمى ** فجئت عجيب الظن للعلم موئلا

وغاض ضياء العين للقلب رافداً ** لعلم إذا ما ضيع الناس حصلا

إننا قد نرى أعمى يقود ببصيرته المبصرين إلى الهداية. ونرى أصم كبيتهوفن- على سبيل المثال- قد فتن الناس بموسيقاه وهو أصم. وهكذا نجد من أصيب بعاهة فإن الله يعوضه بجودٍ وفضل منه في نواحٍ ومجالات أخرى من حياته. ولا يوجد إله آخر يمكن أن يعوض كافراً ابتلاه الله؛ لأن الله هو الواحد الأحد.

{انظر كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}، أي انظر يا محمد وتعجب كيف نبّين لهم الآيات ونصرفها من أسلوب إلى أسلوب ما بين حجج عقلية وتوجيه إلى آيات كونية وترغيب وتنبيه وتذكير ومع ذلك فإن هؤلاء الكافرين لا يتفكرون ولا يتدبرون، بل إنهم يعرضون ويتولون عن الحق بعد بيانه وظهوره.


نداء الايمان

تفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية42الى الأية46{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ل 5e1fd03b1f5723c7a787








الكلمات الدلالية (Tags)
فَأَخَذْنَاهُمْ, ل, وَالضَّرَّاءِ, الأنعام)الأية42الى, الأية46{, الشيخ, الشعراوى(سورة, بِالْبَأْسَاءِ, تفسير


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:48 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل