القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23338
1741 0
01-02-2023 06:39 AM
#1  

افتراضيروائع البيات لـ د/ رقية العلواني سورة الاعراف من الآية 1 حتى 25


سورة الأعراف

مقدمه


جاءت سورة الأعراف لتقدم نماذج لذلك الإنسان الذي يتحرك وفق دوافع الإيمان

يتحرك في الأرض عطاء ومنعًا خيرًا وإعمارًا وإصلاحًا، نهيًا عن الفساد والمنكر،

تحقيقًا للخير والمعروف ودعوة إليه.



بداية السورة
(المص)

الحروف المقطعة التي ذكرنا أن الله عز وجلّ جاء بها في سور عديدة وخاصة تلك السور التي بدأت بالحديث عن القرآن، صحيح أن المفسرين اختلفوا في تفسير معاني هذه الحروف المقطعة، البعض منهم قال أنها مما استأثر الله بعلمه والبعض منهم قال أنها نوع من أنواع الإعجاز لأولئك المخاطبين بهذا القرآن العظيم وخاصة أمة العرب التي نزل عليها القرآن أول ما نزل.

أن هذه الحروف التي يتألف منها هذا الكتاب العظيم هي الحروف التي تعرفون


(المص )



ولكن على الرغم من أنكم تعرفون الحروف



ولكن الإعجاز في كلماته وبيانه وجمله

وآياته وفي كل تراكيبه وفي كل أخباره وفي كل القصص التي جاء بها، إعجاز!!

ثم تدبروا الآية الأولى بعد هذه الحروف المقطعة

(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)


الآية الأولى



(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)



المخاطَب به النبي صلّ الله عليه وسلم


والآية التي بعدها


(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)

الأمة التي نزل عليها القرآن.


نحن اعتدنا في حياتنا اليومية أي إنسان يوظف في وظيفة حتى ولو كانت بسيطة أو متواضعة يعطى جملة من التعليمات:



افعل، لا تفعل، هذه الحقوق لك، هذه ليست لك، طريقة أخذ الإجازات، كل هذه التفاصيل، – ولله المثل الأعلى – نحن عيّنا بهذه المهمة كان لا بد من المنهج فجاء التناسب بين سورتي الأنعام والأعراف

(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)

هذا أول وجه من أوجه التناسب التي تبين لنا ونحن في بداية رحلتنا مع سورة الأعراف أن هذا القرآن العظيم هو فعلًا كتاب منهج كتاب يعلمني كيف أعيش، كتاب يعلمني كيف أتكلم، كيف أتصرف كيف أنجز المهمة التي لأجلها خُلقت ليس كفرد فقط وإنما كفرد ضمن مجموعة سنأتي على الايات بعد ذلك مباشرة في سورة الأعراف وهي تتكلم عن الإنسان الذي يعيش ضمن مجتمعات مختلفة فيحدث فيها التغيير الذي أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان الصالح المصلح أن يحدثه في الأرض.



وتعودنا كذلك ونحن نتكلم عن تدبر السور البحث عن مقاصد السور وقلنا أن كل سورة من سور القرآن لها مقصد عام ومقاصد بعد ذلك تأتي على التفصيل تخدم هذا المقصد العام.




مقصد سورة الأعراف



اختلف المفسرون والعلماء في تحديد مقصد سورة الأعراف اهتموا به كثيرًا،




عدد كبير من المفسرين ذهبوا إلى أنها تتحدث عن الصراع بين الحق والباطل وأرى والله أعلم أن سورة الأعراف تتحدث عن رحلة الإنسان الخليفة منذ البداية، بداية خلق آدم عليه السلام وإلى النهايات، رحلة ابتدأت بالحياة على هذه الأرض وحتى قبل أن تكون على الأرض ثم بعد ذلك حتى في تحديد مصير هذا الإنسان الخليفة بناء على ما قام به من أعمال بناء على ما أنجز من مهام على هذه الأرض تحدثت عن مصائر أمم وشعوب.



سورة الأعراف من أطول السور التي تكلمت بالتفصيل عن قصص الأنبياء




تكلمت بالتفصيل عن أشياء دقيقة ووقائع في يوم القيامة في يوم المحشر




تكلمت عن العرض، عن الأعمال، عن الموازين، عن الجزاء، عن المحاورات بين أهل الجنة وأهل النار








تكلمت عن الأعراف وعن اصحاب الأعراف الذين بهم سميت هذه السورة سورة الأعراف، هذا مقصد عظيم:





رحلة الإنسان الخليفة على هذه الأرض.



وفي جملة وفي ثنايا تلك الرحلة قد يأتي الكلام عن قضية الصراع أو المواجهة أو ما شباه ولكن في الحقيقة أن رحلة هذا الإنسان هي رحلة لا يمكن أبدًا أن يُدرك تفاصيل هذه الرحلة بدون أن يعلم طبيعة المهمة التي لأجلها أوجد الله سبحانه وتعالى الخلق وهذا الكون من حولنا.


(فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ)

قال الله سبحانه وتعالى في أوائل سورة الأعراف




” كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)”




” إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ” (3)سورة الأعراف.







في واقع الأمر إن هذه الآية لا ينبغي أن تقرأ من دون الآية الثانية،




قال في الآية الأولى



فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ ” ،




والحرج في أصل الكلمة اللغوي المكان الضيق المتشابك الذي لا يستطيع السالك أن يجد فيه طريقا، شجر متشابك لا يستطيع الإنسان أن ينفذ منه، وهي كلمة تستعمل في الحسيات وهذا المعنى انتقل إلى المعنويات.





صحيح أن كثير من المفسرين قالوا أن الحرج يأتي بمعاني منها الضيق و الشك، ولكن الواضح من سياق الآية في كتاب الله عز و جل ومقارنة هذه الآية بآيات أخر وردت فيها كلمة الحرج وهي خمسة عشرة موضعا، هذه المواضع التي جاءت في ذات السياق عن الضيق ” وضائق به صدرك” تعطينا فكرة أن هذه الآية العظيمة نزلت عليه صلّ الله عليه وسلم في مكة وهي تسلية لقلبه الشريف




ولتبين كذلك للمؤمنين بهذا القراءن أن قضية الاتباع وتنزيل القرءان في واقع الحياة، في واقع الفرد في واقع المجتمع عملية لها كما يقال ثمرات، لها نتائج تهيئ القلوب وتهيئ العقول والأفكار لما يمكن أن يأتي به هذا التطبيق لهذا القرءان العظيم من نتائج أو ردود فعل البشر من حولك والتي قد تدخلك في نوع من الضيق، الشك، أو المشقة.





هذا الكتاب العظيم تتلقاه الأنفس البشرية باخلافات كثيرة وكبيرة، فهو على عالي قدره وعظمته وعلى عظيم قدر نفعه للبشرية قد لا يعبه به بعض البشر، قد لا يلتفتوا إليه، بل ويجادلوا فيه !






بل وقد يرفضوه جملة وتفصيلا كما فعل غالب أهل مكة.








ولا ننسى أن السورة مكية نزلت عليه صلّ الله عليه وسلم وهو يعايش ويعاني أجواء الرفض من قبل قومه لهذا القرآن العظيم.







شيئ طبيعي أن يكون هنالك ضيق وحرج من ردود أفعال قومه صلّ الله عليه وسلم، يكفيه أنه كان يعاين ذلك الواقع الأليم القاسي وهو كان يفعل كذلك صلّ الله عليه وسلم قبل نزول القرآن إلى الحد الذي كان يفزع فيه إلى غار حراء ليخرج بنفسه من تلك البيئة الموبوئة بأمراض الجاهلية الإجتماعية والأخلاقية والنفسية والإعتقادية والفكرية








ولذا كان قول الحق سبحانه وتعالى ومنذ بداية نزول سورة الأعراف للنبي صلّ الله عليه وسلم مباشرة أن قضية الضيق أو الشعور بالضيق لا ينبغي أن تكون حاجزا لك عن المهمة الأساسية التي من أجلها أنت على هذه الأرض :



لتنذر به وذكرى للمؤمنين. يتضايق الإنسان، بلى، طبيعي لأنه بشر ولديه مشاعر، أحاسيس، تأتي عليه لحظات يشعر فيها بالضيق، ولكن هذا الضيق لا ينبغي أن يمنعه من إيصال رسالته، لتنذر به وذكرى للمؤمنين.




ومن الآية الثانية نعرف جليا أن هذا المنهج أنزل للإتباع، ونحن نقول مرارا وتكرارا حتى التدبر في كتاب الله عز و جل، ربي عز و جل أنزله لنتدبر فيه، هي مرحلة تليها مرحلة التطبيق والاتباع ، اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، الأمر.


علاج ضيق الصدر


المطلوب مني وقد عينني الله عز وجل أن أكون خليفة في الأرض ، أن أسير رفق المنهج، أن أتبع المنهج الذي هو القرءان العظيم، ، هذا المنهج في الأساس لم يجيئ من عند النبي صلوات ربي وسلامه عليه ، النبي مبلغ عن ربه، رسول إلى البشر،







”بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ









مِنْمن ؟







من ربك.







فالإنزال لهذا المنهج العظيم من الله سبحانه وتعالى، الذي خلق، الذي قدر فهدى، الذي أعطى، الذي أنزل، الذي صنع، الذي عين، وهنا تأتي الإجابة على عشرات الأسئلة في ذهن الإنسان وهو يسير في حياته.





وتدبروا معي في التناسب الواضح والذي دائما ما يكون في كل سور القرءان العظيم بين أوائل الآيات وأواخرها.




في هذه السورة الكريمة كانت البداية أن لا يكون عليك أيها الرسول ومن بعده أمته حرج عليكم فيما أنزل إليكم من ربكم لأن ما أنزل هو إنذار وذكرى، وفي أواخر السورة قال




” وإذا قريء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ”







، ” واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو الأصال ولا تكن من الغافلين ”







” إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون”




ولو تدبرنا في هذه الآيات الكريمات لوجدناها هي علاج الضيق والحرج الذي نحتاجه




اليوم!!




اليوم كثير من الناس في زماننا الذي نعيشه رغم تطور الإنسان في وسائل التسلية والترفيه، إلا أن حالة الضيق والحرج، الحرج المعنوي، والتأفف والضجر والسآمة والملل أصبحت حالة أقرب ما تكون أن نقول عليها ظاهرة إنسانية تلازم حتى الصغير، الطفل، الكبير الذي يملك والذي لا يملك، الذي لديه فعلا ما يشتكي منه والذي ليس لديه، على الأقل ظاهرا ضجر وحرج. وأواخر السورة الكريمة تعطيني العلاج لهذا الحرج، ما هو هذا العلاج؟








القرءان . تدبروا، انظروا في التناسب في أولها ، قال





” فلا يكن في صدرك حرج منه ”



، إن القرءان حين يطبق وتتبعه في حياتك أنت في واقع الأمر تعالج عشرات بل كل حالات الضيق الذي يمكن أن تعترض طريقك كإنسان. الحرج مع القرءان غير موجود. إن الحرج حالة إنسانية شعورية تطرأ على الإنسان ولكنها ليست بملازمة له. وماذا أفعل حين يأتيني هذا الحرج أو الضيق، أفزع إلى القرءان ” وإذا قريء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ” ،





وسنأتي على التفرقة بين الاستماع والانصات. إن العلاج للحرج هو الانصات للقرءان الكريم ، واذكر ربك، الذكر الكثير، الذكر المتواصل، أن تذكره في الرخاء والشدة، في السراء والضراء، في الصحة والمرض، في الليل والنهار، في القيام والقعود، حتى تصبح عادة وسجية لقلبك ولسانك وسائر جوارحك. الذكر لا يكون فقط باللسان، ليس تمتمة باللسان وهز رأس، هذا جزء يسير، ولكن الذكر المطلوب تحدثنا عنه سورة الأعراف وهو ذلك الذكر الذي تتحرك به المشاعر والجوارح فتصبح خاضعة للمنهج وللقرءان وسائر تعاليمه وأوامره، ذلك الخضوع والذكر الذي يحرك في الإنسان الجوارح حتى تسجد خضوعا وخشوعا، فهم لا يستكبرون عن عبادته وله يسجدون. ذكر وانصات يحرك الإنسان معنويا حتى يتحرك جسده مستجيبا لأمر الله عز و جل، والسجود هو موضع الخضوع لله والخشوع له سبحانه وتعالى.





وتدبروا في ذلك التناسب العجيب، الذكر الذي يفترض فيه أن يبني في الإنسان خشوع وخضوع حتى تسجد وتخر تلك الجبهة على الأرض ذلا وعبودية لله ، ولكن القرءان لا يريد فقط جباها تخر على الأرض، يريد قلوبا وعقولا تفكر وتبني، تعمل وتعمر ولكنها ساجدة لله سبحانه وتعالى في محراب الكون إعمارا وإصلاحا وعطاءا، هذه سورة الأعراف في التناسب بين أولها وآخرها.







السنن الإلهية في هلاك الأمم الظالمة







روائع البيات لـ د/ رقية العلواني سورة الاعراف من الآية 1 حتى 25 07.jpg&key=a44ec










“إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ”






تدبروا في نفس الآية جاء بما يقابلها جاء بما يقابل ذلك الإتباع قال عز وجل






” ولا تتبعوا من دونه أولياء ” .






إتبعوا ولا تتبعوا، أمر ونهي.






إن الطريق واضح، إما أن تتبع منهجا واضحا أرسله وأنزله خالقك الذي خلق، وإما أن تتبع تلك السبل والطرق والتي سوف تتفرق بك عن سبيل الله سبحانه وتعالى.








كلمة ” أولياء ” لها معاني عديدة، و كلمة الولاية في اللغة وفي كتاب الله عز وجل وردت بعدة معاني ولكن سياق الآية هنا بمعنى أن يتولى شئون حياتك،






” ولا تتبعوا من دونه أولياء”،






لا تسلم زمام حياتك وشئونك وأمورك الخاصة والعامة، اقتصاد وتعامل اجتماعي وأسري، لا تسلمها لغير الله أبدا، ولا تتبعوا من دونه أولياء.










” وكم من قرية أهلكناها فجائها بأسنا بياتا أو هم قائلون ” .






وهذه هي النتيجة المباشرة لعدم اتباع ما جاء من عند الحق سبحانه وتعالى، الهلاك. وهنا تتحدث السورة عن عواقب ونتائج على الرغم من أنها لم تبدأ بعد بالتفاصيل. إن النتيجة التي ستحدث عندما يتبع الإنسان من دون الله أولياء، الهلاك، والآية هنا لا تتحدث عن هلاك أخروي أو جزاء أخروي ، لا ، بل تتحدث عن عقوبة دنيوية.










ولنا أن نتدبر لماذا جاءت الآية






” وكم من قرية ” ،






وحين يقول القرءان الكريم قرية فهذا يعني مجتمع ، يعني دولة ، يعني أمة أو حتي يمكن أن يعني شعب!






ولماذا جاء على سبيل التكثير






” وكم من قرية “؟








إن القرءان يؤكد لي عدة حقائق :






الحقيقة الأولى أن القرءان في أصله يخالف الفكرة السائدة الطاغية على كثير من المجتمعات المعاصرة ، فكرة الفردية. إن القرءان منذ الأصل ينظر للإنسان على أنه الفرد ضمن مجتمع، أو ضمن الأسرة.






ولذلك نجد أن معظم خطابات القرءان تبدأ بيا أيها الناس ، أو بيا أيها الذين آمنوا، خطابات لجماعات وأمم، وهنا ” وكم من قرية ” ليعطيني هذا البعد، أنك أيها الإنسان الفرد لا تعتقد ولا يمر بمخيلتك ولا لثانية واحدة أنما تقوم به من سلوك صالح أوغير صالح في حياتك لا يؤثر على بقية المجموعة أو الأفراد من حولك ، لا، كل ما تقوم به هو ليس فقط شأن يخصك أنت وحدك، لا، كل ما تقوم به سيصب في نهاية الأمر في ذلك المجتمع العام فعليك أن تتريث وأن تتعقل وأن تدرك أن الخير الذي تفعله لا يذهب هباءا، كما أن الشر الذي تفعل أو يظهر منك لا يمكن أن يذهب أثره هباءا


بدون نتائج، بدون عواقب أبدا.


. ولذا كانت الآية التي بعدها




” وكم من قرية أهلكناها ” ،



أي شيئ، تدبروا في عظمة القرءان وإعجازه ، أعطاني السبب منذ البداية ، قال



” ولا تتبعوا من دونه أولياء ”




لأن النتيجة الحتمية الطبيعية حين تتبع الدول والأمم والشعوب أولياء من دون هذا المنهج العظيم منهج الله سبحانه وتعالى فإن النتيجةهي الهلاك.


فجاءها نتيجة لذلك الهلاك والبأس بياتا وهم نائمون أو هم قائلون، في النهار أو في الليل أو في القيلولة أو هم يركضون أو ضحا وهم يلعبون، النتيجة واحدة، هي الهلاك.



تعددت وتنوعت الأساليب هي قدرة الله عز و جل وقوته سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده. وهذه النتيجة الحتمية سيأتي تفصيلها فيما بعد، فإن سورة الأعراف ستتحدثت عن قصص أنبياء مع أقوامهم: ستتحدثت عن موسى عليه السلام وعن داؤود عليه السلام وعن لوط عليه السلام، وكل أمة من تلك الأمم والأقوام لاقت مصيرا يختلف عن مصير الأمة الأخرى، جاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون، العذاب ، فقد تنوعت وتعددت أساليبه وفي نفس الوقت تنوعت الانحرافات ولكنها كلها تدخل تحت مظلة واحدة هي مظلة إتباع من دون الله ، تولى شئون حياتهم أولياء من دون الله عز و جل. وكما سنرى في التفاصيل أن الأولياء ليسوا فقط آباء أو أصنام، أو حجارة أو ما شابه، فيمكن أن يكون الولي الذي يتولى شئون حياتي هو نفسي، هوى نفسي هو الذي يتحكم بي، ممكن ، وسنأتي على نماذج لأقوام كان الذي يحركهم ويصرفهم هو هوى النفوس لا شيئ آخر. إن الأولياء يمكن أن يكونوا متعددين، القرءان هنا يعطيني من اللحظة الأولى من الموقف السبب وراء هلاك تلك الأمم المختلفة ، صحيح قدم لي نماذج من قصص الأنبياء كما سنأتي عليها ولكن النماذج تتعدد وستتنوع ولن نقف عند زمن أو عند بيئة لأن القرءان الكريم رسالة عالمية مفارقة لحدود الزمان والمكان والبيئة فما أهلك به قوم في الزمان الغابر قد يهلك به قوم آخرون في زمان لاحق.


كيف يظلم الإنسان نفسه ؟








روائع البيات لـ د/ رقية العلواني سورة الاعراف من الآية 1 حتى 25 s84sa5swizdfqz3kn9d2














(فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)الاعراف



إعتراف ، ظالمين ، بأي شيء ظلم هؤلاء القوم ، ظلموا أنفسهم أولا،



كيف يظلم الإنسان نفسه ،



نحن إعتدنا حين نتكلم عن الظلم نقول أن فلانا ظلمني،



فلان يظلم الآخرين، فلان مظلوم ،



ولكن أن يظلم نفسه !



والقرءان الكريم يعطيني بعدا واضحا هنا في سورة الأعراف منذ البداية يشخص بدقة : ظلموا أنفسهم، لماذا ؟






لأن الإنسان حين ينتكس عن منهج خالقه سبحانه وتعالى ويتخذ من دونه أربابا وأولياء يصرفون له حياته وشئونه هو في واقع الأمر يظلم نفسه ، أكبر ظلم وأكبر مجال يوقعه في الظلم هو على نفسه وليس أي مجال آخر. والقرءان الكريم في هذه الآية حين يتحدث عن النفس إنما يلقي بظلال المسئولية على الفرد. أنت تظلم نفسك، ولذلك قال سبحانه وتعالى بلسان حالهم




” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” .



ولكن ما هي الفائدة أن يقولوا إنا كنا ظالمين وقت الجزاء، بعد نهاية الإمتحان، بعد إنتهاء الدنيا، ما فائدة هذا !



وتدبروا في الآية التي قال الحق سبحانه وتعالى فيها



(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)،



فقد أنتقل مباشرة من البأس الذي وقع على تلك الأمم في الحياة الدنيا إلى الآخرة بإيجاز كعادة القرءان وعظمته في تنوع الأساليب ليعطي المخاطب بهذا القرءان وفي هذه السورة القدرة ليتنبه لما سيأتي بعد ذلك من آيات.



وحين قال سبحانه



(وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)




جاء بحالة الظلم في موضعين



الأول ” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” والثاني ” بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” ،



وهنا خسروا أنفسهم ، وتدبر في الآية ، خسروا أنفسهم ، نحن نعرف أن الإنسان يخسر ماله، يخسر تجارة ، قد يخسر بيتا ولدا أو صديقا ، ولكن أن يخسر نفسه ! كيف يخسر نفسه ؟!




إن أعظم خسارة في الكون خسارة الإنسان لنفسه والآيات التي كان يظلم بها هؤلاء لم تكن مجرد آيات كتاب قد أنزل عليهم ولكن هي آيات الله الكونية المبثوثة في واقعهم.



إن آيات الله عز و جل لا تنحصرفقط في آيات أنزلت في كتب ، في الكتب السماوية فقط ، ولكن آيات الله سبحانه وتعالى متعددة : في النفس ، آيات في الكون، في الواقع ، آيات في الأمم السابقة والمجتمعات المختلفة.




هنالك نماذج كثيرة من الآيات منها كيفية هلاك بعض الأمم والمجتمعات ونزول العقاب عليهم هذه أيضا آيات لله سبحانه في خلقه.






ولكن السؤال كيف يظلم الناس بهذه الآيات ؟






ظلمون بها حين يمرون عليها مرور الإنسان الذي لا يفقه شيء ولا يعتبر، تمر الأحداث أمام عينيه دون أن يتوقف، دون أن يسأل نفسه سؤالا مشروعا تماما : لماذا حدث ما حدث ؟ و كيف حدث ؟ وكيف يمكن أن أتجنب ما حدث ؟



إن الأحداث والوقائع والمصائب والكوارث التي تحدث في الأمم والمجتمعات لا تحدث خبطا عشواءا، ليس هنالك خبط عشواء في حياتنا أبدا، كل شيئ يسير وفق أمر الله عز و جل، وفق سننه في كونه ، وفق قانونه في خلقه.




إذن هنالك خلل أدى إلى هذا الذي حدث ، وحين لا يكتشف الإنسان موضع الخلل يكون كما قالت الآية الكريمة


كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” .



إذن من بداية السورة وإلى الآية التاسعة تحدثني السورة عن العاقبة ، عن النتيجة ، وتعطيني موجزا كاملا لكل ما أوردته بالتفصيل سورة الأعراف،


ما هو الموجز؟


هو رحلة الإنسان الخليفة والنتائج التي يمكن أن تكون متوقعة من تلك الرحلة إذا لم يتخذ الإنسان ربه وليا ومصرفا لشئونه ولحياته.



الكثيرين منا تتعلق قلوبهم بالدائرة الضيقة المحظورة





روائع البيات لـ د/ رقية العلواني سورة الاعراف من الآية 1 حتى 25 4e2f3-.jpg&key=f


في قصة سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام الدروس والعبر التي ينبغي أن يتوقف عندها الإنسان ويستحضر منها العظات والعبر عندما يسير في طريقه في الحياة.






والقصة وما مر فيها لأبينا وأمنا حواء أحداث يمكن أن تقع لكل واحد منا في كل وقت وفي كل مكان وفي كل زمان. ولكن من الوقفات التي تحتاج أن تتوقف عندها هو تلك المساحات الواسعة من المباح.


إن الله عز وجل حينما أعطى لآدم وحواء الحرية في أن يأكلا من الجنة ما يشاءا، إنما دل ذلك على أن دائرة المباح، ما هو غير ممنوع ، دائرة واسعة جدا وكذلك المجال الذي أعطاه الله للإنسان في مسيرته في الحياة على هذه الأرض. ولذلك جاء العلماء بتلك القاعدة :


الأصل في الأشياء الإباحة. فالمباح واسع ،


ولكن الحق سبحانه وتعالى حينما منع عنهما وهذا تكليف بالمنع قا



” ولا تقربا هذه الشجرة”


إن دائرة الممنوع ضيقة، وعلى الرغم من كبر دائرة المباح وصغر دائرة الممنوع إلا أن الإنسان مع وسوسة الشياطين الذين هم ليس فقط شياطين الجن ولكن كذلك من يتولونهم من شياطين الإنس يوسع على نفسه من دائرة الممنوع ولا ينظر إلى تلك الدائرة الواسعة التي حباه بها الحق سبحانه وتعالى وأتاحها له من المباحات.



وهذه قاعدة في واقع الأمر تقودنا إلى كثير من الإشكاليات التي نمر بها في حياتنا في كل شيئ ، في الطعام والشراب ، في التعامل في الإقتصاد في الأقوال والأفعال.










إن دائرة المباح واسعة ولكن الكثيرين منا تتعلق أنظارهم وقلوبهم بتلك الدائرة الضيقة المحظورة ولو أننا تسألنا في أنفسنا وحاولنا أن نحل هذه القضية لوجدنا أن المسألة ليست لأن المباح ضيق أو قليل، ولكن أحيانا لأن النفس قد جبلة بناءا على تلك الوسوسة أحيانا من الشياطين على النظر في ذلك المجال الضيق الممنوع المحظور وتركت الواسع المباح الذي فيه قطعا غنا عن كل ما هو محظور ممنوع.


(قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)الاعراف






هي الأرض التي تشهد مسيرة البشرية ، مسيرة الخير والشر، مسيرة إمتثال الأوامر الإلهية أو عدم إمتثالها، هي الأرض التي نعيش عليها وهي التي تمثل مسرح الأحداث. هذا المسرح هو في واقع الأمرتصنيف للمشاريع المختلفة التي أوكل الله عز وجل للبشر، إلينا ، إعمارها والقيام بها، مهام.



أذكر أنني في مرة سئلت :


ما الحكمة من طلب الله إلينا إعمار الأرض؟


ثم يأتي يوم على الأرض فتصبح صعيدا جرزا؟ وهباءا منثورا؟


كما ذكر في القرءان الكريم.



سألت السائل : هل لديك مشاريع تقوم بها؟


قال نعم،



قلت : هذه المشاريع أي كان نوعها ألا تستخدم فيها مواد خام؟






تستخدمها في المشاريع لإكمالها ثم تختبر هذه المشاريع ثم تستخدم،


وقد يهدر بعض هذه المواد وقد يعاد تدوير بعضها بعد الاستهلاك.


قلت ، ولله المثل الأعلى ، إن هذه الأرض التي نعيش عليها إن كل ما فيها من مواد سخرها الله عز وجل للإنسان ليستعملها وليعمر بها الأرض ، قال الله( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )فإذا انتهت مدة المشروع وطلب من كل إنسان ومن كل البشر أن يقدموا مشاريعهم أو أعمالهم أو ما قاموا به على وجه الأرض أمام الله عز وجل وزنت تلك المشاريع تلك الأعمال وأصبحت في موازين أصحابها إما ثوابا وإما عقابا وأصبح ما في الأرض صعيدا جرزا ، إنتهت المشاريع وانتهت القصة بأكملها.








إن فترة البقاء على الأرض محدودة وقد لخصت آية واحدة في كتاب الله مصير الإنسان قال سبحانه وتعالى






قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ”الاعراف 25



ولكن لا ننسى أن هذا البقاء كل البقاء على وجه هذه الأرض


إنما هو لهذه اللحظة،لذلك المشروع الذي عليك القيام به عليك إنجازه
هنالك الكثير في دائرة المباح الإقتصادية الواسعة جدا، ولكن تجد أن الكثير من الناس في زماننا وعصرنا هذا لا يبحثون عن وسائل الربح والنفع المشروع المباح بقدر ما تتعلق أنظارهم وقلوبهم وتفكيرهم في كثير من الأحيان بالوسائل الممنوعة أو على أقل تقدير الوسائل التي فيها شبهة. وقصة أبينا آدم وأمنا حواء تنبه إلى أن البشرية على هذا المزلق الخطير.


اسلاميات









الكلمات الدلالية (Tags)
1, 25, لـ, من, الآية, الاعراف, البيات, العلواني, حتى, د/, رقية, روائع, سورة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل