القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23256
918 0
12-20-2022 06:12 PM
#1  

افتراضيتفسير الشعراوى(الأنعام)60( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )


(وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّليلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )


نعلم جميعاً أن النوم ليس عملية اختيارية، وفي بعض الأحيان نرى من يسلط الله عليه الهموم فلا يعرف النوم طريقاً إلى جفونه. ونعلم أن النوم عملية قسرية يخلقها الله في الإنسان لتردعه عن الحركة بعد أن يستنفد كل قدرته على التحرك والنوم لون من الردع الذاتي.
ولماذا جعل الحق النوم كالوفاة؟

يعرف البعض أن الوفاة في معناها هي فصل الروح عن الجسد. وكأن الحق يقول لنا: إياكم أن تظنوا أن وجود الروح في الجسد هو الذي يعطي للإنسان الحياة والحركة والتصرف، لا، إنني سأحتفظ بالروح في الجسد ولا أقدره على التصرف الاختياري، وذلك حتى لا تفتتنوا في الروح؛ لأن هناك أجهزة لا دخل لاختيارك فيها مثل نبض القلب والتنفس، وغير ذلك من حركات أجهزة الجسم. وضرب لنا الحق المثل بأهل الكهف الذين أنامهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا: { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } [الكهف: 25].


النوم - إذن - نعمة من الله جعلها في التكوين الذاتي، ولذلك إذا أردت أن تنام فليس ذلك بمقدورك ولكنه بمقدور الحق. إنه يقال عن النوم: ضيف إن طلبته عنّتك - أي أتعبك - وإن طلبك أراحك. ويأتي النوم للمتعب حتى ولو نام على حصى، وقد لا يأتي النوم لمن يتهيأ له ولو كان على فراش من حرير.
والحق سبحانه يقول: { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [الروم: 23].
النوم - إذن - آية كاملة بمفردها، ولا يأتي النوم بالليل فقط، ولكن يأتي بالنهار أيضاً؛ لأن هناك أعمالاً تتطلبها حركة الوجود ويقوم بها أناس في أثناء الليل؛ لذلك ينامون بالنهار.
ويتوفانا سبحانه بالليل ويعلم ما جرحنا في أثناء النهار، ثم يرسلنا إلى أجل يعلمه هو سبحانه، ثم يبعثنا في يوم القيامة لينبئنا بكل أعمالنا. وسمّى الحق النوم وفاة، وسمى الاستيقاظ بعثا؛ لأن الإنسان في مثل هذه الأحوال لا يملك حركته الاختيارية.

ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وقف ليعلن بعثته بعد ثلاث سنوات من الدعوة سرّاً:
"(إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) إنكم لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتجزون بالإحسان إحساناً، وبالسوء سوءاً، وإنها لجنة أبداً أو لنار أبداً"
. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا ذات يوم فقال: يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش قالوا: مالك؟ قال أرأيتم لو أخبرتكم أن العدوّ يصبّحكم أو يمسّيكم أما كنتم تصدقوني؟ قالوا: بلى، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله سبحانه: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}" .

والحق سبحانه إما أن يشل الجوارح ويعطلها ويمنعها من الحركة، أو يأخذ الروح من الجسد، فعندما يشل الجوارح ويمنعها ينام الإنسان، وعندما يأخذ الروح ويمسكها يحدث الموت. ولذلك يجب أن نفهم أن للنوم قانوناً، ولليقظة قانوناً، وللموت قانوناً، ولكل قانون قواعده، فلا قانون اليقظة كقانون النوم، ولا قانون النوم كقانون الموت، ولا قانون البعث كقانون الموت. فهناك يقظة، ونوم، وموت وبعث، ومن الخطأ أن نأخذ قانون حالةٍ ما لنطبقه على الحالة الأخرى.

إن الحق يضرب لنا المثل الواضح فينا: فالإنسان منا له حالة من اليقظة تسيطر الروح فيها على حركته الاختيارية، وعندما ينام تعجز الروح عن الحركة الاختيارية وتبقى الحركات الاضطرارية. فعندما ينام الإنسان قد يرى بعضاً من الرؤى والأحلام يقابل فلانا ويراه مرتدياً زياً معيناً بألوان معينة، فبأي شيء أدرك الألوان وعيونه مغمضة؟، إذن فهناك وسائل إدراك غير العين. وكذلك الزمن يأخذ حظه في أثناء اليقظة، لكن في أثناء النوم يرى الإنسان حلماً في سبع ثوان ويحكيه في نصف ساعة. وقد ينام اثنان في فراش واحد، أحدهما يحلم بأنه التقى بالأحباب والأصحاب ويأكل ويشرب ويسعد ويأنس، والآخر يحلم بأنه التقى بأعدائه وعانى منهم ومن عراكه معهم، إذن فالزمن اختلف وكذلك المعيّة. وهكذا اختلف قانون النوم عن قانون اليقظة.
وكذلك يختلف قانون الموت عن قانون الحياة:
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِٱللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام: 60].

والجارحة كما قلنا هي التي تعمل ليكسب الإنسان. إذن فقد جاء لنا الحق بكل حالات اليقظة والنوم والموت والبعث. ولكل حالة قانونها، ونحن نعرف قانون اليقظة وقانون النوم لأننا نتعرض لهما، فإذا قيل لنا: إن هناك قانوناً للموت فنحن نقيس ذلك على ترقي القوانين من اليقظة إلى النوم، وعندما يقال لنا: إن هناك بعثاً فنحن نصدق أيضاً.


نداء الايمان














الكلمات الدلالية (Tags)
), كُنتُمْ, مَرْجِعُكُمْ, يُنَبِّئُكُم, إِلَيْهِ, الشعراوى(الأنعام)60(, بِمَا, تفسير, تَعْمَلُونَ, ثُمَّ

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 11-16-2022 09:07 PM
تفسير الشعراوى(سورةالمائدة) (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 11-13-2022 01:47 PM
تفسير الشيخ الشعراوى( سورة المائدة) الآيتين93-94( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 11-07-2022 08:42 PM
تفسير الشعراوى( سورة النساء) الآية163{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ..) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 1 09-04-2022 11:10 PM
حديث (مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي مى السنة النبوية الشريفة 1 12-14-2019 02:07 AM


الساعة الآن 06:03 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل