القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23381
1198 0
انواع عرض الموضوع
01-09-2023 07:04 AM
#1  

افتراضييُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة


{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [ابراهيم : ٢٧]


روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا).

إنه إرشاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمبادرة للأعمال الصالحة .. فإنه يأتي على الناس زمان تغشاهم فيه الفتن .. وتتكالب عليهم حتى تصبح كالليل المظلم .. الذي يحجب عنهم نور الإيمان واليقين .. يتقلب الواحد منهم بين الإيمان والكفر والفسق .. لعَرَض من الدنيا قليل.

يبيع دينه.. لشهوة عابرة .. أو منصب موعود .. أو مال زائل .. يبيع دينه لأجل كلام الناس .. أو إرضاء زوجة وأولاد بما يغضب الله .. يبيع دينه بعَرَض من الدنيا قليل.

إن طريق الحق والدين طريق صعب وشاق .. مليء بالعقبات والحُفر .. لكن عاقبته الراحة الأبدية في الجنة بإذن الله .. فالراحة لا تنال بالراحة .. ومعالي الأمور لا تنال بالفتور .. ومن جد وجد, ومن زرع حصد.

يا سلعة الرحمن لست رخيصةً *** بل أنت غالية على الكسلانِ

أيها الإخوة .. الفتن من حولنا تعصف بالقلوب عصفًا .. والقلب متقلب كما اسمه, روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّما سُمِّيَ القلبَ من تَقَلُّبِه، إِنَّما مَثلُ القلبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بالفلاةِ، تَعَلَّقَتْ في أصْلِ شجرةٍ، يُقَلِّبُها الرّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ).

إنه لا نجاة لهذا القلب في هذا الزمان الذي تطارده فيه فتن الشبهات والشهوات في كل مكان .. لا نجاة لهذا القلب إلا بالثبات على دين الله تعالى .. فياعباد الله اثبتوا.

اثبتوا .. وابحثوا عن أسباب الثبات على دين الله تعالى .. والزموها تفلحوا بإذن الله ..


من أعظم أسباب الثبات الإقبال على كتاب الله تعالى .. قراءة وحفظًا.. وتدبرًا وفهمًا.. واسمع إلى هذا الخطاب الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}.

القرآن هو منهج الحياة .. جعله الله تعالى نبراسًا ينير الطريق .. وعلاجًا للمشكلات .. فمن أخذ به ولزمه نجى وأفلح .. ومن أعرض عنه فقد بين الله تعالى مصيره: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}.

ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى كثرة دعائه سبحانه وسؤالِه الثبات, فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء فيقول: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وأهل الإيمان يقولون: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}, فاللهم إنا نسألك الثبات على دينك حتى نلقاك.

ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى التزام الأعمال الصالحة والإكثار منها, قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}, قال قتادة رحمه الله: "أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر".

إذا أطلت الفتنة برأسها.. وادْلَهَمَّ الخطب .. فهل نتوقع ثباتاً من الكُسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة؟!

ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحبُّ العمل إليه أدومَه وإن قل. وكان هو وأصحابُه رضي الله عنهم إذا عملوا عملاً أثبتوه.

ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى: الدعوة إلى الله تعالى.فيدعو الإنسان إلى دين الله بما يَعلَمُه من أمور الحلال والحرام, فقد روى البخاري من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية).


ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى: لزومُ الصحبة الصالحة, فهي والله من أعظم الأسباب المثبتة على دين الله, واسمع لوصية الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

نعم .. المرء يتأثر بمن حوله, روى أبو داوود في سننه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ).

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينِه *** فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي


و من أعظم أسباب الثبات اجتناب الذنوب والمعاصي ..فالمعاصي تقبل على الإنسان متزينة .. تأتيه صغارها.. ثم الأكبر منها .. فيتدرجُ فيها .. حتى يقع في الكبار وهو لا يشعر ..{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

ألا وإن من أعظم عواقب المعاصي والآثام فقدانُ حلاوة الإيمان ..

قيل لوهيب رحمه الله: يجد طعم العبادة من يعصي؟ قال: ولا من يهم بالمعصية.

وكتب أبو الدرداء رضي الله عنه إلى مسلمة بن مخلد رحمه الله:" أما بعد, فإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله, فإذا أبغضه الله بَغَّضَه إلى عباده".

وروي عن سليمان التيمي رحمه الله أنه قال: "إن الرجل ليذنب الذنب فيصبحُ وعليه مذلته".

وقال عمر بن أبي ذر رحمه الله: "يا أهل معاصي الله, لا تغتروا بطول حِلم الله عنكم, واحذروا أسفه, فإنه قال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}".

أيها الإخوة .. إن من أصعب اللحظات في العمر ــ ولا شك ــ لحظة الانتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة, لحظة الموت, وفراق الروحِ الجسد.

وإن من أراد الثبات في تلك اللحظة فليعمل من الآن لأجلها.


{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.

قال ابن الفضل القطان رحمه الله: حضرت النَقَّاشَ وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة, فنادى بأعلى صوته: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}, يرددها ثلاثاً, ثم خرجت نفسه رحمه الله.

وقال ابن سُكينة رحمه الله: كنت حاضرًا لما احتُضر إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري رحمه الله, فقالت له أمي: يا سيدي, ما تجد؟ فما قدر على النطق, فكتب على يدها: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ثم مات.

فيا من أراد الثبات غدًا في مثل هذا الموقف .. اثبت اليوم على دين الله .. فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.



{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [ابراهيم : ٢٧]

(لا إله إلا الله محمد رسول الله) اغرسها في أعماق روحك ، اثبت عليها ليثبتك الله عند السؤال.

عمرك محدود لن يزيد ولن ينقص لكن نهايته معلومة لله، فنحن في الدنيا في إمتحان، وفي أي قد يتم سحب ورقتك منك، وينتهي الوقت الذي خصصه الله لك، فضلا ركز في ورقتك وأترك ورقة غيرك، هل أنت ستنجح في هذا الإمتحان أم ستفشل!!


من أهم واجبات الوقت التي ينبغي تعاهدها هو سؤال الله الثبات على الدين في زمن كثرت فيه الفتن والتقلبات ، فالعبد لايستغني عن تثبيت الله له طرفة عين ، فإن لم يثبته زال الإيمان من أعماق قلبه ، والثبات على الحق يا أعزاء ليست ضرورة دنيوية فقط ، بل حتى في القبر.. تأمل الآية : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخره} الثبات من الله.. اللهم ثبتنا على الحق .

أعظم عقوبة تقع بالانسان سلب الهداية والتوفيق والرشاد منه ، فيصبح أشبه بالأعمى يتخبط الطريق. اللهم سلم... والخاتمة الحسنة لاتقع إلا لمن كانت سريرته حسنة ، لأن لحظة الموت لايمكن تصنّعها فلا يخرج حينئذ إلا مكنون القلب ...

لاتتسخط ، لاتتذمر ، لاتعارض ، بل سلم بقضاء ربك سواء وافق هواك أم لم يوافق ، فلله الحكمة بكل أمره ولا معقب لحكمه


المصدر ملتقى الخطباء وحصاد التدبر


يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة 289519617_1070893940









الكلمات الدلالية (Tags)
فِي, وَفِي, يُثَبِّتُ, آمَنُوا, اللَّهُ, الَّذِينَ, الْآخِرَة, الْحَيَاةِ, الثَّابِتِ, الدُّنْيَا, بِالْقَوْلِ


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير الشعراوى سورة الأنعام الأية 3(يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 1 06-22-2023 12:30 PM
تفسير الشيخ الشعراوى(سورة الأنعام)الأية 32(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ..) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 12-08-2022 07:17 PM
تفسير الشيخ الشعراوى(سورة االمائدة)الآية 40{ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 1 10-11-2022 01:36 AM
{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 06-07-2022 05:06 AM
تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآية 14 وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ امانى يسرى محمد القرآن الكريم 1 05-19-2022 11:35 AM


الساعة الآن 12:34 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل