منتدى العالم الاسلامي

كل ما يتعلق بديننا الحنيف على مذهب أهل السنة فقط مواضيع في الدين - Islamic Forum

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=1958
4718 1
01-04-2019 10:28 PM
#1  

129127أهمية صلاح القلب


أهمية صلاح القلب kntosa.com_25_18_154
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب 70-71.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أهمية صلاح القلب.
عباد الله:
لما كان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب، كان القلب موضع نظر الرب، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم). فالقلب موضع نظر الرب، ومن هنا كان لا بد على العبد أن يشتغل بإصلاح قلبه فإن ربه إنما ينظر إلى قلبه، وإذا تساءلت يا أخي عن السبب الذي تفشت به الخيانة بين الناس في الأموال، والنكاح، وغير ذلك من الأمور، وإذا تساءلت عن السبب في حصول السرقات والاختلاسات، وإذا تساءلت عن السبب في حصول الهجران والقطيعة بين الناس، وإذا تساءلت عن سائر أسباب أمراض المجتمع فاعلم أن ذلك نتيجة لفساد القلب.
الله أعلم بما في أنفسهم، فالقلوب قد تكون سليمة، وقد تكون مريضة تصاب بالوهن، وهذا سبب آخر لتسلط الأعداء علينا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بل أنتم يومئذ كثير) كما في حديث القصعة (ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن) قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: (حب الدنيا وكراهية الموت). فإذن من فساد القلوب أن يقذف فيها الوهن، لما فسدت القلوب تسلط الأعداء.
وقد عرفنا سابقاً أن الدين القائم بالقلب هو الأصل، وأن الأعمال الظاهرة هي الفروع، وأنه إذا لم تكن أعمال فإن ذلك دليل على خلو القلب من الإيمان، وأن الذين يقولون لك: إن المهم هو ما في القلب، يطالبون بالإثباتات والدلائل على أن ما في قلوبهم سليم وذلك بالأعمال، ولا بد من الأعمال، والأعمال مهمة مع تصحيح ما في القلب

الدين القائم بالقلب هو الأصل، وأن الأعمال الظاهرة هي الفروع، وأنه إذا لم تكن أعمال فإن ذلك دليل على خلو القلب من الإيمان، وأن الذين يقولون لك: إن المهم هو ما في القلب، يطالبون بالإثباتات والدلائل على أن ما في قلوبهم سليم وذلك بالأعمال، ولا بد من الأعمال، والأعمال مهمة مع تصحيح ما في القلب

، فكيف نصحح ما في القلب، كيف يجعل الإنسان المسلم قلبه سليماً؟
كيف يكون القلب عامراً بمحبة الله تعالى؟ ألم تر أن بعض المصلين تلتصق مناكبهم ببعض، وأقدامهم ببعض، وبينهما كما بين السماء والأرض في درجة الصلاة، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على ربه في صلاته، والآخر قلبه يسرح في أودية الدنيا، فهذا له نصف، وذاك أكثر، وهذا أقل، وآخر قد ردت صلاته.
عباد الله:
إن الاهتمام بإصلاح قلوبنا أمر في غاية الأهمية، إن إصلاح القلوب يترتب عليه صحة الأعمال، وصحة السيرة، وصحة التصرفات، والسلوكيات، وكثير من التناقضات إنما تحدث من المخالفة، من مخالفة الباطن للظاهر، والظاهر للباطن.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: إذا وافقت السريرة العلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية، فذلك الفضل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور، وهذا الظلم.
عباد الله:
قال بعض السلف: من صفى - أي صفى قلبه من الشوائب- صفي له، ومن كدر كُدر عليه، ومن أحسن في نهاره كوفي في ليله، ومن أحسن في ليله كوفي في نهاره، ومن صدق في ترك الشهوة ذهب الله بها من قلبه، ولله أكرم من أن يعذب قلباً بشهوة تركت له.
وصاحب القلب السليم، صاحب البصيرة الصحيحة، يكون طيباً بحيث يشم أهل الخير منه رائحة روحه على بدنه وثيابه، وإن لم يضع طيباً، والفاجر يشم صاحب البصيرة السليمة رائحة فجوره على بدنه وثيابه تنبعث منه، وإن وضع أطيب أطياب الأرض، والمزكوم لا يشم لا هذا ولا هذا، بل إن زكامه يحمله على الإنكار، فقد يقشعر وينفر من بعض أهل الخير، لا يحسن التمييز بين صاحب القلب الطيب، وصاحب القلب الخبيث.
نماذج من السلف في صلاح القلب.
ولما كان سلفنا رحمهم الله أحرص ما يكون على الخير كان اعتناؤهم بقلوبهم أشد ما يكون، ومن اعتنائهم بقلوبهم إخفاؤهم لأعمالهم.
لما وصف عمر رضي الله عنه أبا بكر الصديق قال: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله. سريرته خير من علانيته، هذه إذن المنزلة العالية.
ولما وصف أحمد بن حنبل رحمه الله عبد الله بن المبارك قال: ما رفعه الله إلا بخبيئة كانت له، كان يخفي أعماله الصالحة، فرفع الله قدره، وكانوا في جميع الميادين من الحريصين على إخفاء الأعمال.
قال عبدة بن سليمان المروزي: كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو ودعا إلى المبارزة، فخرج إليه رجل من المسلمين قد تلثم فلا يعرف، فطارده ساعة فطعنه فقتله، ثم خرج من الكفار رجل آخر ودعا إلى المبارزة، فخرج له نفس الرجل من المسلمين، فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم المسلمون على ذلك الرجل يريدون معرفة شخصيته، وكنت فيمن ازدحم عليه، فإذا هو ملثم وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه، فمددته فإذا هو عبد الله بن المبارك، فقال ابن المبارك لهذا الذي كشف وجهه: وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا، قالها تواضعاً لله تعالى.
وقال عبد الله بن سنان: كنت مع ابن المبارك ومعتمر بن سليمان بطرسوس فصاح الناس: النفير، فخرج ابن المبارك والناس، فلما اصطف الجمعان خرج رومي فطلب المبارزة، فخرج إليه رجل فشد العلج عليه فقتله، حتى قتل ستة من المسلمين، وجعل يتبختر بين الصفين يطلب المبارزة، ولا يخرج إليه أحد، فالتفت إليَّ ابن المبارك فقال: يا فلان، إن قتلت فافعل كذا وكذا، وذكر له وصيته، ثم حرك دابته وبرز للعلج، فعالج معه ساعة فقتل العلج وطلب المبارزة، فبرز له علج آخر فقتله حتى قتل ستة علوج، ستة بستة، وطلب البراز فكأنهم كاعوا عنه، جبنوا وخافوا، فضرب دابته وطرد بين الصافين وغاب عن الأنظار، فلم نشعر بشيء، وإذا أنا به في الموضع الذي كان رجع بجانبي، فقال لي: يا عبد الله لئن حدثت بهذا أحداً وأنا حي فذكر كلمة أنه توعده بشيء عظيم، لو نشر هذه القصة وعبد الله بن المبارك حي.
فرفع الله ذكره. وهذه سيرته منشوره وقصصه سائرة رحمه الله تعالى، بسبب صدقه وإخلاصه وإخفائه للعمل.
المرائي يرائي والمسمع يسمع الناس ويحدث بعمله؛ ليظهر ويعلو شأنه والله يجعل نوره منطفأً وأمره زائلاً، وإذا أخفى العبد العمل نشر الله ذكره، ورفع شأنه، وأظهر أمره، وحبب الناس فيه.
عن أبي حمزة الثمالي: أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة، ويقول: إن الصدقة في الليل تطفئ غضب الرب.
كان ناس في المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، يأتون إلى بيوتهم يجدون عندها الطعام، يخرج أحدهم من الباب يجد عنده صدقة، لا يدرون من وضعها، فلما مات علي بن الحسين رحمه الله فقدوا ذلك، ولم يعودوا يجدون الطعام الذي كانوا يجدونه عند أبواب بيوتهم، فعلموا من الذي كان يأتيهم بالليل.
وعن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقل من الجرب بالليل إلى منازل الأرامل، فمن ثقلها على ظهره أثرت فيه، فصارت أثراً مستمراً، وجدوه في بدنه عند تغسيله رحمه الله تعالى.
وأما الصلاة والدعاء فحدث عنهم ولا حرج في أخبارهم رحمهم الله تعالى.
قال سلام بن أبي مطيع: كان أيوب يقوم الليل يخفي ذلك، فإذا كان قبيل الصبح رفع صوته كأنه قام في تلك الساعة، لم يكن يشعرهم أنه كان قد قام قبلها بوقت طويل.
وكان منصور بن المعتمر إذا صلى الغداة - أي الصبح- أظهر النشاط لأصحابه، فيحدثهم ويكثر إليهم، ولعله إنما بات قائماً على أطرافه ليخفي عنهم العمل.
وكان مسروق رحمه الله يرخي الستر بينه وبين أهله ثم يقبل على صلاته، ويخليهم ودنياهم، وكان حسان بن أبي سنان، يفتح باب حانوته، يفتح باب الحانوت فيضع الدوات ويفرش الحساب، ويرخي ستره داخل الدكان ثم يصلي، فإذا أحس بإنسان قد جاء، -زبون قادم-، يقبل على الحساب يريه أنه كان يحسب ميزانية المحل، وما دخل وما خرج، رحمه الله تعالى.
وعن الأعمش قال: كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقرأ في المصحف واستأذن عليه رجل فغطى المصحف وقال: لا يرى هذا أنني أقرأ فيه كل ساعة.

كان عمل الربيع كله سراً، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف، فتحه ليقرأه، فيغطيه بثوبه.
وكان بعض السلف إذا حضرته الرقة في المجلس وأكثر فيه الوعظ وأوشك على البكاء لف المنديل على أنفه وامتخط، وقال: ما أشد الزكام.
قال محمد بن واسع رحمه الله: لقد أدركت رجالاً، كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بل ما تحت خده من الدموع وزوجته لا تشعر به، ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي بجانبه.
وكان محمد بن سيرين رحمه الله يسمع بكاؤه بالليل وضحكه بالنهار، وكانت البيوت متجاورة متلاصقة.
قال الإمام البصري رحمه الله: كان الرجل يتعبد عشرين سنة لا يشعر به جاره، وأحدهم يصلي ليلة أو بعض ليلة، فيصبح وقد استطال على جاره.
هذا الفرق، بعض الناس يقولون: تصدقنا وأنفقنا، واعتمرنا وحججنا، وفعلنا وفعلنا، لمرة واحدة، والصالحون يفعلونه سنين ولا يحدثون به. بل لا يدرى عنه ولكن الله يكشفه. ويرفع قدر صاحبه، ولذلك بلغ السلف والصالحون ما بلغوا، وإن كانت أعمالهم مستورة، لكن الله يحببهم إلى العباد، ويغرس في قلوب العباد محبتهم، هذا من نتيجة طاعة الله تعالى.
أقام عمرو بن قيس رحمه الله عشرين سنة يصوم، ويكثر الصيام، لا يعلم به أهله، يأخذ إفطاره في الصباح وهو ذاهب إلى دكانه، يغدو إلى الحانوت فيتصدق بغدائه على المساكين، ويصوم وأهله لا يدرون ويرجع إليهم قبيل المغرب حيث كان ينتهي وقت العمل في ذلك المجتمع، ثم يأكل بعد ذلك كأنه يتغدى غداءه العادي.
أفعال الخير كانت عندهم رحمهم الله تعالى حتى مع العجائز، مع طبقات المجتمع، هذا طلحة رضي الله عنه رأى عمر في سواد الليل يخرج، يدخل بيتاً ويخرج منه، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت لينظر إلى أين دخل عمر بالليل، وماذا كان يفعل؟ فإذا بعجوز عمياء مقعدة، فقال لها: ما بال هذا الرجل الذي يأتيك بالليل؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا. يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى.
قال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، أعثرات عمر تتبع.
هكذا كانوا رحمهم الله تعالى، هكذا كانوا في إخفائهم لأعمالهم، فإذا أردت يا عباد الله أن يصلح قلبك فاعمل وأخفي العمل، فإن في ذلك إصلاحاً عظيماً للقلب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأن يصلح أعمالنا، أن يصلح سرائرنا، وأن يصلح ظواهرنا، وأن يتوب علينا، ويغفر لنا تقصيرنا، وإسرافنا في أمرنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الشيخ / محمد صالح المنجد .

أهمية صلاح القلب kntosa.com_25_18_154







01-05-2019 02:22 AM
#2  

افتراضيرد: أهمية صلاح القلب

جزاكِ الله خير





الكلمات الدلالية (Tags)
أهمية, القلب, صلاح

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:30 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل