القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=22129
1583 0
08-03-2022 05:04 AM
#1  

افتراضيتفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآيتين 117-118 {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا


  • {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)}

    و(إن) هنا بمعنى ما، ف (إن) مرة تكون شرطية، ومرة تكون نافية. مثل قوله في موقع آخر: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللائي وَلَدْنَهُمْ} [المجادلة: 2].
    أي إن الحق يقول: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللائي وَلَدْنَهُمْ}. وكذلك (إنْ) في قوله: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً}، وكان العرب ينسبون إلى المرأة كل ما هو هيّن وضعيف ولذلك قال الحق: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية وَهُوَ فِي الخصام غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18].
    فالإناث في عرف العرب لا تستطيع النصر أو الدفاع، ولذلك يقول الشاعر:
    وما أدرى ولست أخال أدرى ** أقوم آل حصن أم نساء
    والقوم هنا مقصود بهم الرجال لأنهم يقومون لمواجهة المشكلات فلماذا تدعون مع الله إناثاً؟. هل تفعلون ذلك لأنها ضعيفة، أو لأنكم تقولون: إن الملائكة بنات الله؟. وكانوا يعبدون الملائكة. وعندما تريدون القسمة لماذا تجعلون لله بنات؟. على الرغم من أنه سبحانه خلق البنين والبنات.
    ولذلك قال الحق: {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} [النجم: 22].
    أي قسمة جائرة لم يراع فيها العدل.

    وعندما ننظر إلى الأصنام كلها نجد أن أسماءها أسماء مؤنثة: {أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى} [النجم: 19-20].
    وكذلك كان هناك صنم اسمه (إساف) و(نائلة)، فهل هذه الأصنام إناث؟ وكيف تدعون النساء والنساء لا ينصرن ولا ينفعن؟. وهل ما تعبدون من دون الله أصنام بأسماء إناث، أو هي نساء، أو هي ملائكة؟
    والحق يقول: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً} والأسلوب هنا أسلوب قطع. أي ما يدعون إلا إناثاً، تماماً مثلما نقول (ما أكرم إلا زيداً) وهذا نفي الإكرام لغير زيد، وإثبات للإكرام لزيد. فساعة يقول الحق: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً} فغير الإناث لا يدعونهم، ولذلك يعطف عليها الحق: {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً}.

    واستخدم الحق في صدر الآية أسلوب القصر، وأسلوب القصر معناه أن يقصر الفعل على المقصور عليه لا يتعداه إلى غيره؛ فهم يعبدون الإناث، هذا اقصر أول، ثم قصر ثانٍ هو قوله الحق: {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً}.
    وكان خدم الأصنام يدعون أن في جوف كل صنم شيئاً يتكلم إليهم؛ لذلك كان لابد أن يكون في جوف كل صنم شيطان يكلمهم.. وكان ذلك لوناً من الخداع، فالشياطين ليست جنّاً فقط ولكن من الإنس أيضاً.
    فهناك سدنة وخدم يقومون على خدمة الآلهة ويريدون أن يجعلوا للآلهة سلطاناً ونفوذاً حتى يأتي الخير للآلهة كالقرابين والنذور ويسعد السدنة بذلك؛ لذلك كانوا يستأجرون واحداً له صوت أجش يتكلم من وراء الصنم ويقول: اذبحوا لي كذا. أو هاتوا لي كذا. تماماً كما يحدث من الدجالين حتى يثبتوا لأنفسهم سلطاناً.
    وهكذا كان الذي يتكلم في جوف هذه الأصنام إما شيطان من الجن، وإمّا شيطان من الإنس. والشيطان من (الشطن) وهو (البعد).


    ووصف الشيطان بأنه مريد يتطلب منا أن نعرف أن هناك كلمة (مارد) وكلمة (مريد). وكل الأمور التي تغيب عن الحس مأخوذة من الأمور الحسية. وعندما نمسك مادة (الميم والراء والدال) نجد كلمات مثل (أمرد) و(امرأة مرداء) و(شجرة مرداء)، و(صرح ممرد).
    إن المادة كلها تدور حول الملمس الأملس. فأمرد تعني أملس؛ أي أن منابت الشعر فيه ناعمة. وصرح ممرد كصرح بلقيس أي صرح مصقول صقلاً ناعما لدرجة أنها اشتبهت في أنه ماء، ولذلك كشفت عن ساقيها خوفاً أن يبتل ثوبها. والشجرة المرداء هي التي لا يمكن الصعود عليها من فرط نعومة ساقها تماماً كالنخلة فإنه لا تبقى عليها الفروع، ولذلك يدقون في ساق هذه النخلة بعض المسامير الكبيرة حتى يصعدوا عليها.

    والشيطان المريد هو المتمرد الذي لا تستطيع الإمساك به. إذن. ف (مارد) و(مريد) و(ممرد) و(مرداء) و(أمرد)، كلها من نعومة الملمس.
    {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً}.
    وعندما يحاول العصاة الإمساك بالشيطان في الآخرة يقول لهم: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي} [إبراهيم: 22].
    وهو بذلك يتملص من الذين اتبعوه؛ لأنه لم يكن يملك قوة إقناع أو قوة قهر، فقط نادى بعضاً من الخلق فزاغت أبصارهم واتبعوه من فرط غبائهم.
    والشيطان موصوف بأن الله طرده من رحمته. فالحق يقول: {لَّلَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا}.
    تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآيتين 117-118 {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا image.png.dce7749c61

    {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)}

    لماذا هذا اللعن؟ لقد أذنب الشيطان وعصى الله. وآدم أذنب أيضا وعصى الله.
    فلماذا لعن الله الشيطان، ولماذا عفا الله عن آدم؟
    نجد الإجابة في القرآن: {فتلقى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم} [البقرة: 37].
    ونعرف بهذا القول: أنّ هناك فرقاً بين أن يرد المخلوق على الله حكماً، وفعل المعصية للغفلة.
    فحين أمر الحق إبليس بالسجود لآدم قال إبليس: {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: 12].
    وهذا رد للحكم على الله، ويختلف هذا القول عن قول آدم وحواء، قالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا} [الأعراف: 23].

    وهكذا نجد أن آدم قد اعترف بحكم الله واعترف بأنه لم يقدر على نفسه. ولذلك فليحذر كل واحد أن يأتي إلى ما حرّم الله ويقول: لا، ليس هذا الأمر حراما لكن إن كان لا يقدر على نفسه فليعترف ويقول: إن ما حرم الله حرام. لكني غير قادر على نفسي. وبذلك يستبعد الكفر عن نفسه، ويكون عاصياً فقط ولعل التوبة أو الاستغفار يذهبان عنه سيئات فعله. أما من يحلل ما حرّم الله فهو يصر على الكفر، وطمس الله على بصيرته نتيجة لذلك.
    وسبحانه وتعالى يصف الشيطان بقوله- سبحانه-: (لعنة الله) أي طرده من رحمته. وليتيقظ ابن آدم لحبائل الشيطان وليحذره؛ لأنه مطرود من رحمة الله.
    ولو أن سيدنا آدم أعمل فكره لفند قول الشيطان وكيده، ذلك أن كيد الشيطان ضعيف. ولكن آدم عليه السلام لم يتصور أن هناك من يقسم بالله كذباً. فقد أقسم الشيطان: {وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} [الأعراف: 21].
    وكانت غفلة آدم- عليه السلام- لأمر أراده الله وهو أن يكون آدم خليفة في هذه الدنيا؛ لذلك كان من السهل أن يوسوس الشيطان لآدم ولزوجه: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين} [الأعراف: 20].
    وأغوى الشيطان آدم وحواء بأن الله قد نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة حتى لا يكونا ملكين، وحتى لا يستمرا في الخلود. ولو أن آدم أعمل فكره في المسألة لقال للشيطان: كل أنت من الشجرة لتكون ملكاً وتكون من الخالدين، فأنت أيها الشيطان الذي قلت بخوف شديد لله: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحجر: 36].
    والحق يريد لنا أن نتعلم من غفلة آدم؛ لذلك لابد للمؤمن أن يكون يقظاً.

    فسبحانه يقول عن الشيطان: {لَّعَنَهُ الله وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}.
    والقرآن الكريم حين يعالج قضية ما فهذه القضية تحتاج إلى تدبر. ونلحظ أن إبليس قد تكلم بذلك ولم يكن موجوداً من البشر إلا آدم وحواء، فكيف علم ما يكون في المستقبل من أنه سيكون له أتباع من البشر؟ وكيف قال: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}؟.
    لقد عرف أنه مادام قد قدر على أبيهم آدم وأمهم حواء فلسوف يقدر على أولادهما ويأخذ بعضاً من هؤلاء الأولاد إلى جانبه، قال ذلك ظناً من واقع أنه قدر على آدم وعلى حواء. والذين اتبعوا إبليس من البشر صدقوا إبليس في ظنه. وكان هذا الظن ساعة قال: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}.
    وأخذ إبليس هذا الظن لأنه قدر على آدم وحواء مع أن آدم وحواء قد أخذا التكليف من الله مباشرة، فما بالك بالأولاد الذين لم يأخذوا التكليف مباشرة بل عن طريق الرسل. إذن كان ظن إبليس مبنياً على الدليل فالظن- كما نعلم- هو نسبة راجحة وغير متيقنة، ويقابلها الوهم وهو نسبة مرجوحة: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} [سبأ: 20].
    ولذلك قال إبليس أيضاً: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 62].
    وقال كذلك: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82].
    مادام إبليس قد قال: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}.
    فهذا اعتراف بأنه لن يستطيع أن يأخذ كل أولاد آدم. والفرض- كما نعلم- هو القطع. ويقال عن الشيء المفروض: إنه المقطوع الذي لا كلام فيه أبداً.
    وما وسيلة إبليس- إذن- لأخذ نصيب مفروض من بني آدم؟
    ويوضح الحق لنا وسائل إبليس، على لسان إبليس {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)}
    نداء الايمان
    تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآيتين 117-118 {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا image.png.d47dada944








الكلمات الدلالية (Tags)
117-118, مِنْ, يَدْعُونَ, {إِنْ, إِلَّا, إِنَاثًا, النساء), الآيتين, الشيخ, الشعراوى(, تفسير, دُونِهِ, سورة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 06-07-2022 05:06 AM
خطبة حول حديث (لاَ يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ) امانى يسرى محمد السنة النبوية الشريفة 1 06-04-2022 01:10 AM
خطبة حول حديث (أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) امانى يسرى محمد السنة النبوية الشريفة 0 05-22-2022 01:57 PM
تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآية 16 {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 05-22-2022 04:15 AM
اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ العافيَةَ في ديني ودُنْيَايَ وأَهْلي ومَال كنتوسه هانم السنة النبوية الشريفة 0 03-13-2019 01:01 AM


الساعة الآن 03:05 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل