القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23446
1305 0
01-16-2023 07:59 PM
#1  

افتراضيمختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" ‏[البقرة:155-157]


(وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ) [البقرة: 155]



السؤال الأول:

قوله تعالى: (وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ) [البقرة:155] هل لهذا الترتيب وجه بلاغيٌّ؟ علماً بأنّ هذا الترتيب ورد بصورة أخرى في آية النحل [ 112] وآية قريش [1] ؟


الجواب:

ورد اجتماع الجوع والخوف معاً في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم وبصور مختلفة:
في آية البقرة [155] قدّم الخوف؛ لأنَّ الآيةَ تتكلَّمُ عن قتلٍ وقتالٍ، وفي المعركة لا يفكر الإنسان بالجوع، وإنما يفكِّرُ في ذهابِ النفس فقدّم الخوف.
والباقي: (وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ) [البقرة:155] مناسِبٌ فقدَّمَ الأموال وقال: نقص من الأموال، أي: نقصٌ يذهب به منها شيء، وليس في الأموالِ؛ لأنها تعني نقص في داخلها.
في آية النحل [112] قال تعالى: (وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ) [النحل:112] فالكلام في سياق الأطعمة ، انظر آيات النحل (115،114) وعن الرزق، والرزق يناسبه الجوع فقدّم الجوع، وتقديم الجوع هنا مراعاة للإذاقة في الآية .
في سورة قريش، الكلام عن التجارة والأموال، وأصل تجارتهم كانت طعاماً، فقدّم الجوع على الأمن.
وهذا التقديم مناسب لتقديم الشتاء على الصيف في السورة، فالشتاء الطعام فيه أولى ، وفي الصيف التجارة والسفر فيه أولى، والسفر فيه مخاطر فناسبه الخوف.
4ـ إنّ آية البقرة في سياق ابتلاء المؤمنين وليست هي من باب العقوبات، بخلاف آية النحل فإنها في عقوبات الكافرين.
ومعلوم أنّ الجوع أشدُّ من الخوف في العقوبات فقدّم ما هو أشد. والله أعلم.


السؤال الثاني:

ما دلالة كلمة (بِشَيۡءٖ) في الآية ؟


الجواب:

1ـ لاحظ كيف جاء الله تعالى بكلمة(بِشَيۡءٖ) فقال: (بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ) [البقرة:155] ولم يقل : (لنبلونكم بالخوف والجوع) وفي ذلك لفتتان جميلتان:
آ ـ الأولى أنه ذكر كلمة (شيء) قبل (الخوف) فيه تخفيفٌ من وقع هذا الخبر المؤلم للنفس، فلا أحد يرغب أنْ يكون خائفاً أو جائعاً، فخفّف الله تبارك وتعالى عنا هذا الخبر بأنّ الابتلاء يكون بشيء من الخوف والجوع، وليس بالخوف كله أو بالجوع كله.
ب ـ والثانية إشارةٌ إلى الفرق بين الابتلاء الواقع على هذه الأمة المرحومة وما وقع من ابتلاء على الأمم السابقة، فقد سلّط الله تعالى الخوف والجوع على أمم قبلنا، كما أخبرنا في قوله تعالى : (وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ) [النحل:112] ولذا جاء هنا بكلمة (بِشَيۡءٖ) [البقرة:155] وجاء هنالك بما يدل على الملابسة والتمكن، وهو أنه استعار لها اللباس اللازم مما يدل على تمكن هذا الابتلاء فيها وعِظَم وقعه عليها، وقد خُفِّف عنا والحمد لله.
ج ـ قوله تعالى: (وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ) [البقرة:155] (بشيء من).. وليس بكله.. لأنّ الهدف الإصلاح وليس الإهلاك ، وقس ذلك على التربية.
2ـ انظر في لطائف القرآن كيف أسند البلوى لله سبحانه وتعالى فقال: (وَلَنَبۡلُوَنَّكُم) [البقرة:155] وأسند البشارة بالخير الآتي من قِبَل الله تعالى إلى الرسول ﷺ فقال: (وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ) [البقرة:155] تكريماً لشأنه وزيادةً في تعلّق المؤمنين به ﷺ بحيثُ تحصل خيراتهم بواسطته دون أنْ يصيبهم أي مكروه بسببه ﷺ


السؤال الثالث:

ما دلالة هذه الآية ؟


الجواب:

1ـ هذه الآية الكريمة بيّنت التوجيه الرابع في تربية النفوس وإعدادها لمواجهة أحداث الحياة التي لا بدّ منها .
2ـ اللام في (وَلَنَبۡلُوَنَّكُم) موطئة للقسم، فالله لا بدّ أن يبتلي عباده لتمحيصهم أو رفع درجاتهم .
3ـ الابتلاء قد يكون تارة بالسرّاء وتارة بالضّراء، وتارة بالفقر وتارة بالغنى، وتارة بالمرض وتارة بالصحة، وتارة بالنصر وتارة بالهزيمة، وهكذا .... والناس عند وقوع الابتلاء فريقان : جازع وصابر، فالجازع تقع به المصيبة ويفوته الأجر بخلاف الصابر لوجه الله ورضاه .
والله أعلم بهؤلاء الصابرين في الشدة والرخاء، وسَيوفّيهم أجورهم كاملة .
والله اعلم .


مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" ‏[البقرة:155-157] image.png.9654eac06a



( ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ١٥٧ﱠ[البقرة: 156-157]




السؤال الأول:

ما أصل كلمة مصيبة؟ وكيف تكون المصيبة خيراً كما في الآية: (مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ) [النساء:79] ؟


الجواب:

1ـ المصيبة مشتقة من جذر (ص و ب) ومنه صارت أصابَ (أَفعَلَ) يُصيبُ، والنازلة مصيبة،
و لها معانٍ متعددة كلها تدور حول معنى الإنزالِ، ومنه الصَّيِّب الذي هو المطر وفيه معنى النزول.
والشيءُ الذي ينزل على الإنسان قد يكون خيراً أو شرّاً، مثل المطر قد يكون نافعاً أوضاراً، لكنّ كلمة مصيبة صار لها خصوصية، والعربي صار لا يستعملها إلا في السوء.
وكلمة مُصيبة (مُفعِلة) من أصاب مثل كلمة (نازلة) يعني القضية التي نزلت عليها، والمصيبة صارت مخصصة لما يسيء الإنسان، أي ما يصيبه من مصيبة في ظاهر الأمر ويراه سوءاً له، وفي الحديث «عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كله له خير» وفي حديث البخاري «من يُرد الله به خيراً يُصِب منه» أي: يمتحنه فيصبّره فيصبر فترتفع درجته، ففي كل الأحوال يكون له خيراً فإذا أصابته مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أي: نحن لله سبحانه وتعالى.
والمصيبة هنا بمعنى ما تراه ضرراً، والقرآن الكريم جاء على أساليب العرب، أو إذا عكسنا الأمر فإنّ أساليب العرب ارتقت شيئاً فشيئاً إلى أنْ جاءت إلى لغة القرآن الكريم.


السؤال الثاني:

هل هناك لمسة بيانية في طريقة استعمال القرآن نفس الفعل مع الحسنة والسيئة مع أنّ كلمة مصيبة قد حدد الدلالة الخاصة بها مع الشيء السيء؟


الجواب:

القرآن على لغة العرب، والعرب كانوا يستعملون المصيبة، وأصل الاستعمال في المصيبة هي الرمية الصائبة للسهم، والرجل إذا اجتهد فأصاب فهو مصيبٌ ، والمرأة يقال: أصابت، إذن الإصابةُ يمكن أن تُستعمَلَ للحسنةِ (ما أصابك) أي: ما نالك ونزل بك، هذا في لغة العرب أمّا (المصيبة ) فهي مخصصة.


السؤال الثالث:

كيف نُسبت الحسنةُ إلى اللهِ والمصيبةُ إلى نفسك في الآية؟


الجواب:

1ـ مردّ الأمور جميعاً هي إلى الله سبحانه وتعالى، والإنسان يقدم أسباب الوصول إلى الحسنة ويقدم أسباب الوصول إلى السيئة، ولا يكون وصوله إلى الحسنة أو السيئة إلا بأمر الله سبحانه وتعالى.
2ـ قال تعالى: (وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ١٠) [البلد:10] والله لا يُسأل عما يفعل في مُلكِه، والكون كله ملك الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك (لَا يُسۡ*َٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡ*َٔلُونَ٢٣) [الأنبياء:23] فهو قادرٌ على أنْ يهدي الجميع، وقادرٌ على أن يضل الجميع.
3ـ حينما يجعلك تختار طريقك هو شاء لك أنْ تختار أو أنت صارت لك مشيئة من ذاتك؟ الله يشاء (وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ) [الإنسان:30] وشاء الله عز وجل لهذا الإنسان أنْ ينظر في الطريقين وفق ما يبيّنه الله سبحانه وتعالى من لطفه وكرمه وإلا فالمفروض أنّ العقل يوصله، ومع ذلك أرسل الرسل ومعهم الكتب وبيّن طريق الهداية وطريق الضلال، وبالتالي فالطريق الذي يسلكه الإنسان هو في الأصل في خانة مشيئة الله سبحانه وتعالى التي اختارت له هذا الطريق.
4ـ قوله تعالى: (مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ ) [النساء:79] لأنك أنت سعيت وقدّمت لكن ما كان لك أن تصل للحسنة حتى يرضاها الله تعالى، فذكر تعالى الأصل لأنه مرتبط بالحسنة. أنت سعيت نحو الحسنة وشاء الله سبحانه وتعالى أنْ تفعلها، قدّمت وشاء لك ففعلت، والحسنة تُنسب إلى الله تعالى، والسيئة أيضاً سعيت وشاء الله تعالى لك أنْ تصل إليها، ولو أراد الله ما وصلت لكنْ الأمر يبقى منحصراً بك؛ لأنك سعيت.
5ـ قوله تعالى: (وَأَنَّا لَا نَدۡرِيٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا١٠) [الجن:10] الخير معقود لله تعالى دائماً على أننا نؤمن بالقدر خيره وشره من الله سبحانه وتعالى، فنسبت الحسنة إلى الله تعالى وحصرت السيئة بنفسك، مع أنّ نفسك سعت في الحسنة وسعت في السيئة، وفي الحالين كانت بالمشيئة، وهذا تعليم للمسلم كيف يتأدب مع الله سبحانه وتعالى، وأنْ ينسب الخير لله وأنْ ينسب السوء لنفسه، ولذلك نجد علماءنا يقولون عندما يكتبون: هذا ما وصل إليه اجتهادي فإنْ كان خيراً فمن الله تعالى وإنْ كان شراً فمن نفسي ومن الشيطان، وهذا من الأدب مع الله سبحانه وتعالى.


السؤال الرابع:

ما العظة في قوله تعالى في الآية: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ١٥٦) [البقرة:156] ؟ وما الفرق بين الأفعال ( آب ـ رجع ـ عاد )؟


الجواب:

1ـ ليس في القرآن ولا في نصوص اللغة العربية الفصيحة جملة أندى وأسمح وأطيب من هذه الجملة، يقولها المؤمن لنفسه ويقولها المؤمن لغيره إذا ألمت به مصيبة الموت، فتقع في قلب المرء المؤمن بلسماً شافياً وعزاء جميلاً وبرداً وسلاماً.
وقوله تعالى: (إِنَّا لِلَّهِ) [البقرة:156] إقرار منا له بالملك، وقوله:( وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ) [البقرة:156] إقرار على أنفسنا بالهلاك، ويدل كلا القولين على الرضا بقضاء الله تعالى.
واعلم أنّ الرجوع إليه ليس عبارةً عن انتقالٍ إلى مكانٍ أو جهةٍ فإنّ ذلك على الله محالٌ، بل المراد أنه يصير إلى حيث لا يملك الحكم فيه سواه، وذلك هو الدار الآخرة.
أمّا النتيجةُ إذا قام العبد بذلك فهي قوله تعالى: (أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ١٥٧) [البقرة:157] والصلاة هنا من الله بمعنى الثناء والمدح، وأمّا رحمة الله فهي نعمه التي أنزلها عاجلاً أم آجلاً، وأمّا الهداية فهي هداية الله إلى كل خير وإلى الجنة والفوز بالثواب.
2ـ ورد في القرآن ثلاثة أفعال ربما ظن الناس أنها بمعنى واحد وهي ـ آب ـ رجع ـ عاد :
الفعل (آب): وقد استعمل في القرآن بمعنى مصدره (إياب) وبصيغ المبالغة (أوّاب)، أمّا قلبُ الفعلِ، أي( باء)، فقد استخدم في القرآن في خمسة مواضع في مجال الشر والسوء، كما في الآيات: [البقرة 61، آل عمران 162].
الفعل ( عاد ):
إذا كان الفعل مسنداً للإنسان نفسه، فإنه يستخدم كثيراً في النواحي السلوكية والفكرية، أي: العودة في المواقف وفي التصرفات كما في الآيات: البقرة [275]، النور [17].
الفعل (رجع):
فهو بمعنى الرجوع الشخصي، أي: رجوع الناس إلى المكان الذي كانوا فيه من قبل، وقد ورد الفعل (رجع)، ومشتقاته مثل: (رجعتم) (ارجعوا) (راجعون) (الرجعى) (يرجعون) في القرآن الكريم في 104 موضعاً، وفي معظمها كان الرجوع فيها إلى الله.
وهذه حقيقة قرآنية ينبغي التنبه لها؛ ذلك أنّ المرء يعيش حياته هذه وسيعقبها الموت فالبعث فالنشر فالقيامة فالحساب فالجزاء، قال تعالى: (قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ١١) [غافر:11].
فالمرء كان عند الله عز وجل عندما خلقه الخلق الأول وأشهده على نفسه (وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ١٧٢) [الأعراف:172].
وميثاق عالم الذَّرِّ أخذه الحق سبحانه والبشر جميعاً في ظهر آدم عليه السلام وأشهدهم على أنفسهم قبل أنْ تأتيهم شهوات النفس المعارضة لمنهج الله تعالى.
وهذا العهد فطري في النفس الإنسانية، وما جاءت الأديان إلا لتنفض عن هذه الفطرة غبار الغفلة وغبار الشهوات، فأتت الرسل للتذكير بهذا العهد الفطري القديم.
ثم يشاء الله تعالى أنْ يُخلق كلَّ امرىءٍ مرة أخرى، ثم يحيا حياته ثم يرجع إلى ربه يخرج من هموم الدنيا إلى رحمة ربه ورضوانه.
فما أسعده غداً إنْ كان من المؤمنين! وما أطيبه صبراً وعزاء أنْ نهتف بقلب مؤمن (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ١٥٦) [البقرة:156] !.


السؤال الخامس:

ما اهم دلالات هاتين الآيتين ؟


الجواب:

الآية 156 :
في الآية 156 وصف الله الصابرين بأنهم : (ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ) فهم يقرون بأنهم مملوكون لله يتصرف بهم كيف يشاء، ولا يعترضون على ما أصابهم سواء في أموالهم وأنفسهم ،وراضون بقضاء الله، وهم يعتقدون أنّهم راجعون إلى ربهم في الاخرة، ومثابون على صبرهم وابتلائهم .
وقال الله : (مُّصِيبَةٞ) ولم يضفها إلى نفسه بل عمّم ليدخل تحتها كلّ مضرة ينالها من قبل الله تعالى، أو ينالها من قبل العباد .
2 ـ نحن منه في البداية وإليه في النهاية؛ ولهذا: لنكن (معه) فيما بين ذلك.
3ـ أشد الناس ابتلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل .
4ـ ورد في حديث مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها ) . صحيح مسلم .
5ـ المصائب تكفّر الذنوب والخطايا، والصابر المحتسب له بيت في الجنة يُسمى بيت الحمد، وأعظم الصبر يكون عند الصدمة الأولى.
الآية 157 :
1ـ قوله تعالى : (أُوْلَٰٓئِكَ) أي الموصوفون بالصبر في الآية السابقة .
2ـ قوله تعالى : (عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ ) أي لهم ثناء ومدح وتكريم بحالهم ،إضافة للرحمة من ربهم والتي سوف ينالون بها كمال الأجر .
وإنما قال: (صَلَوَٰتٞ) على الجمع؛ تنبيهًا على كثرتها منه، وأنها حاصلة في الدنيا توفيقًا وإرشادًا، وفي الآخرة ثوابًا ومغفرة.
3 ـ قوله تعالى : (وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ١٥٧) أي هؤلاء الذين عرفوا الحق، وعلموا أنهم راجعون إلى الله ، وبالمقابل فإنّ من لم يصبر ولم يرض بقضاء الله يحصل له الضلال والخسران .
4ـ قوله تعالى : (ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ) جعل هذه الكلمات ملجأً لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين؛ لما جمعت من المعاني المباركة، وذلك بتوحيد الله، والإقرار له بالعبودية، والبعث من القبور، واليقين بأنّ رجوع الأمر كله إليه كما هو له، و لم يعط هذه الكلمات نبي قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب؛ لما قال: ( يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ) .والله أعلم .




مثنى محمد هيبان
رابطة العلماء السوريين








الكلمات الدلالية (Tags)
", ‏[البقرة:155-157], في, من, مختارات, القرآن", البيان, تفسير, روائع, سور

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دار LILI BLANC يطلق مجموعة "Reflection" لموسم ربيع وصيف 2023 ام رونزا ازياء وملابس موضة واناقة 5 02-23-2023 02:28 AM
"مركبات جديدة" مميزات لعبة جراند ثفت أوتو 5 الإصدار الأخير 2021 Grand Theft Auto ام رونزا مواضيع عامه ومنوعه 0 11-23-2021 01:44 AM
Garnier Skin Naturals BB،كريم أساس"Fit Me،ماسكرا Twist Up The Volume،مصحح الحواجب من "MN ام رونزا ميك اب ومكياج 0 10-27-2020 10:31 PM
Bento lunchbox ideas افكار لاعداد وجبة فطور صحيه،أحدث أفكار "اللانش بوكس" لتعزيز مناعة طفلك ام رونزا اطباق واكلات للاطفال 0 09-19-2020 04:54 PM
صور من الريف تحاكي البيئة الفراتية البسيطة،صور "ديكورات" ريفية بطلّة عصرية 2020 ام رونزا صور 2021 1 06-18-2020 09:57 PM


الساعة الآن 11:50 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل