القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=8114
2534 0
07-29-2019 02:19 AM
#1  

2067656972885688147تدبر سورة الحج


تدبر سورة الحج kntosa.com_03_19_155
سورة الحج




الوصية بتقوى الله


السورة بأكملها من أول آية حتى آخر آية بكل ما جاء في السورة من أحكام ومن أركان ومن آيات عظام جاءت تمشي مع الإنسان خطوة خطوة نحو تنمية التقوى نحو الترقي به في سُلَّم التقوى فالتقوى درجات والتقوى بناء. نحو تنمية القلب الخاضع الخاشع لربه سبحانه درجة درجة.

ابتدأت بقضية يهيأ لقارئها في البداية أنها لا علاقة لها مباشرة تربط بينها وبين ركن الحج الذي سميت السورة على اسمه.

السورة في أول آياتها تخاطب الناس أجمعين لا تخاطب المؤمنين فحسب مع العلم أن ركن الحج خوطب به الناس جميعاً ولكنه فرض على المؤمن السورة بدأت بقول الله عز وجل
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ)
تخاطب البشرية
(اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)
أول خطاب يخاطب به الله سبحانه وتعالى في السورة البشرية جمعاء هو خطاب التقوى الأمر بالتقوى الوصية بالتقوى
(إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)
القيامة ذلك اليوم الذي قد يستبعده كثير من الناس قد لا يرون صورته بين أعينهم وهم يسيرون في دروب الحياة ولكن هو واقع لا محالة.



أهوال يوم القيامة


(يَوْمَ تَرَوْنَهَا)
المسألة منتهية المسألة من المسلّمات المسألة قادمة قطعاً .. ترون آيات يوم القيامة ترون الساعة ترون أهوال هذا اليوم العظيم
(تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)
لو أردنا أن نبحث عن أي كلمات عن أي أوصاف تصف وتقرب أهوال يوم القيامة
للبشر لا يمكن أن نأتي بمثل هذه الآية العظيمة، يا سبحان الله!

هذا الكتاب العظيم معجز في وصفه معجز بكلماته بحروفه بكل شيء فيه ولا عجب فهو من رب العالمين سبحانه. الآية وصفت أنه ما يأتي يوم القيامة من مواقف، من شداد، من أهوال، من صعاب، يجعل حتى المرضعة التي هي أشد ما تكون التصاقاً ومحبة برضيعها تصاب بحالة من الذهول حالة من العجب حالة من الحزن والكرب الشديد يجعلها لا تلتفت إلى هذا الرضيع التي هي في الحالة المعتادة أشد ما تكون التصاقاً به.

(وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا)
من شدة الهول. وترى الناس جميعاً في حالة من الذهول والكرب والحزن الشديد ما يجعلهم في حالة أقرب إلى السكر من أي شيء آخر، السُكر بمعنى غياب العقل بمعنى الذهول بمعنى عدم الإدراك لما يدور حولهم نتيجة للأهوال الشديدة، نتيجة لما يحدث أمام أعينهم في ذلك اليوم الشديد العظيم.

(وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)
إذن يا رب هذا اليوم العظيم ما الذي يمكن أن أقدمه بين يدي وأنا الآن أستحضر هذا اليوم ولكني لا زلت في دار العمل؟ ما الذي أفعله؟ كيف يمكن أن أخلّص نفسي من أهوال ذلك اليوم العظيم؟ كيف أستطيع وأنا اليوم في دار العمل في الدنيا أن أقدم بين يدي ذلك اليوم أعمالاً وصفات تقربني إليك أنت وتنجيني من ذلك اليوم العظيم؟


لماذا يا ربي الإيمان بالبعث؟


على الرغم من أن قضية البعث وقضية يوم القيامة قضية محسومة تماماً لا جدال فيها، على الرغم من كل ذلك إلا أن هناك صنف من البشر يجادل ويحاجج بغير الحق في وقوع ذلك اليوم العظيم، لماذا يجادل يا رب؟
يجادل بغير علم ليس لديه حجة قوية ليس لديه دليل على ما يتوهم من عدم وقوع ذلك اليوم العظيم ويتبع كل شيطان مريد، إتباع الهوى إتباع الشيطان الذي يدلي للإنسان بغرور ويمنّيه ويعده

(وما يعدهم الشيطان إلا غرورا).

يعد الإنسان بأن يوم البعث لا يمكن أن يأتي، يعد الإنسان بأنه لا حياة بعد الموت، يعد الإنسان بأنه من المستبعد تماماً أن تعود الحياة للإنسان بعد موته، قضية في غاية الخطورة ولذا كان الإيمان بالبعث قضية محورية الإيمان بالبعث ركن من أركان الإيمان. لا يتم إيمان الواحد منا أبداً إلا بالإيمان بالبعث.

لماذا يا ربي الإيمان بالبعث؟
ولماذا كان الإيمان بالبعث على هذه الدرجة من الأهمية؟
الإيمان بالبعث قضية مصيرية قضية تعتمد عليها كل الأعمال التي يقوم بها الإنسان في الحياة الدنيا، في دار العمل، الحياة. أنا لا أستطيع أن أعيش وأقدم العمل الصالح الطيب الخيّر وقد لا أجد ثمرة له في الدنيا دون أن يكون لدي رصيد كافي ويقين من الإيمان بالبعث.

ودعونا نقف عند مثال واحد فقط: من منّا في الحياة التي نعيشها اليوم في حاضرنا من منا لم تمر عليه ساعة استشعر فيها وقفاً قد وقع عليه فيه ظلم؟
موقفاً قد بُخِس فيه حقه؟
موقفاً نال منه شخص بغير حق وشعر بمعنى الظلم حقاً. من منا لم يشعر في لحظات في حياته أنه لا بد أن تكون هناك محكمة عادلة محكمة لا تقوم على أساس إختبارات البشر ولا على أساس أحكام البشر ولا على تصوراتهم؟ من منا لم تمر عليه لحظة من لحظات الدنيا لم يستشعر بحاجته إلى عدالة السماء؟ من منا لم يستشعر بأن هذه الأرض التي نعيش على ظهرها ينقصها عدالة وعدل حقيقي عدل غير خاضع لأهواء البشر عدل غير خاضع لمصالحهم عدل مطلق وليس عدلاً نسبياً، من منا لم تمر عليه هذه اللحظات؟

الإيمان بالبعث هذا الركن العظيم هو الذي يجعل هذه الأحاسيس ووهذه المشاعر تقف عند الحد الذي ينبغي أن تقف عنده بمعنى آخر أني حتى حين يقع عليّ ظلم ولا أستطيع أن أرده لسبب أو لآخر أشعر بأن هناك عدالة وبأن هناك جزاء وأن هناك محكمة ستأتي لا محالة، محكمة يوم القيامة.

من منا لم يستشعر بالحاجة إلى عدالة الله المطلقة؟ من منا لم يستشعر بالحاجة إلى الله سبحانه وتعالى الحَكَم العدل الذي لا يماري ولا يداهن أحداً من خلقه؟ من منا لم يقل في يوم من الأيام بصدق وبحاجة وبخشوع وتضرع يا رب خذ لي الحق الذي قد انتُهِب أو اختُلس مني؟ من منا لم يشعر بهذه الحاجة؟

الإيمان بالبعث يخفف وطأة وقائع الحياة وما يدور حولنا من أحداث على نفوسنا على قلوبنا يشعرنا بحقيقة قد نغفل عنها أحياناً أن هذه الدنيا التي نعيش فيها هي دار عمل وليست دار جزاء، أنا قد أعمل أعمالاً صالحة عظيمة وكبيرة ولكني لا أجد ثمرة لهذا العمل لسبب أو لآخر.


أهمية الإيمان باليوم الآخر



أنا قد أقوم بكل ما استطيع أن اقوم به كبشر لكن لا ثمرة لعلمي، لا أجد من أهلي وأقاربي ومكان العمل الذي أعمل فيه والمجتمع الذي أعيش فيه لا أجد الجزاء الأوفى، من الذي سيجازيني؟ من الذي سيعطيني؟ من الذي سيكافئني؟ الله سبحانه وتعالى. متى سيكون هذا؟
ليس فقط في الدنيا، قد لا أجد الجزاء ولكن الذي يوفي الجواء الأوفى هو الحق سبحانه وتعالى ولذلك جاءت الآيات في سورة الفاتحة أول سورة في القرآن (مالك يوم الدين) يوم الجزاء يوم الحساب يوم المصير يوم المكافأة لمن لم يجد من يكافئه في الدنيا، يوم الجزاء الأوفى لمن وقع عليه الظلم ولم يجد في محاكم البشر ولا في محاكم الدنيا من ينصفه.

يوم الجزاء هو يوم الراحة والهناء للمؤمن وللإنسان الصادق المُخلِص الوفيّ في عمله الذي نال في الدنيا ما ناله. يوم البعث ركن من أركان الإيمان لا يتم إيمان الإنسان إلا به ومع ذلك يجادل فيه من يجادل تكبراً وعناداً واستبعاداً وإصراراً وربما رغبة في الخلاص من العقوبة رغبة في الخلاص من الحساب.

الإنسان حين يعيش دون أن يستشعر أن هناك رقيب عليه أن هناك حساب سيقف بين يدي الله سبحانه ويحاسبه على الكلمة وعلى التصرف وعلى الفعل وعلى الدرهم وعلى الدينار ولماذا فعلت؟ وكيف فعلت؟ ومن اين أتيت؟
حين يشعر بأنه بعيد عن كل هذه القيود وأنه طليق في تصوره وفي أوهامه التي ينسجه له شياطين الإنس والجن، عندما يشعر بالبعد والانفصال عن كل هذه الأنواع من الرقابات قد تسول له نفسه أن يعبث في الأرض بما يشاء من أنواع الفساد من أنواع التخريب أنواع الظلم والتخريب والاعتداء على حقوق الآخرين.

ما الذي يردعه
يوم البعث يوم الجزاء يوم الإنصاف يوم الحساب.
تقدم آيات سورة الحج وتبني في نفس الإنسان بشكل عام في نفوس كل الناس ولذا جاء الخطاب في أول آية وفي آيات ستأتي فيها في مواضع في سورة الحج
(يا أيها الناس)
الخطاب لكل الناس.






الأدلة العقلية للقراَن الكريم في إثبات البعث
الصورة الأولى


انظر إلى الآية الخامسة وهي تناقش الإنسان المتكبر المتجبر الذي يجادل في الله بغير علم تناقشه إن كان يملك بقية من عقل ومن منطق ومن إحساس، تناقشه بمنطق العقل بمنطق الحُجة بمنطق الحس الذي يؤمن به وليس بمنطق الغيب الذي يؤمن به المؤمن فحسب.

تأتي الآية الخامسة فتقول في سورة الحج
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ)
هذه الصورة الأولى، تقدم سورة الحج في هذه الآية صورة مجسدة مقربة تقرب للإنسان كيف تجادل في وقوع البعث؟ كيف تناقش في قدرة الله عز وجل في إحياء الناس بعد الموت؟ كيف تجادل؟ كيف تجادل في قدرة الخالق سبحانه على أن يعيد الناس إلى الحياة من جديد بعد أن يصبحوا ويتحولوا إلى تراب، كيف تجادل؟!
كيف تجادل وأصل الخلقة الذي هو أصعب واشد بمنطق العقل؟! كيف تجادل وقد خلقك الله أصلاً من تراب؟!

خلق آدم من تراب، كيف تجادل وأنت ترى الإنسان الجنين كيف ينمو خاصة بعد أن كشف العلم الحديث أطوار نمو هذا الجنين ولم يخرج على الإطلاق ولو بقدر شعرة عما وصفته هذه الآية العظيمة هذه الآية في سورة الحج. علماء الأجنّة الأطباء كل ما توصلت إليه الدراسات الحديثة التي قاموا بها لم تخرج عن التوصيف العميق الدقيق الذي جاء من رب العباد سبحانه. هذه الأطوار التي يمر بها الجنين وصفها القرآن قدمتها الآية كيف تجادل إذن؟! كيف أجادل في شيء لا علم لي به؟!
الذي قدر واستطاع بقدرته المطلقة أن يخلق الإنسان من تراب ويمرر به هذه الأطوار العجيبة العظيمة النطفة العلقة المضغة المخلقة وغير المخلقة في تستقر في الرحم ثم تعود إلى الحياة وتنزل بعد ذلك ثم نخرجكم طفلاً ثم تمر بمراحل عديدة ليبلغ الإنسان مرحلة القوة والشباب ثم بعد ذلك يبدأ بمرحلة النزول
(وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا)
هذه الأطوار العجيبة من الذي خلقها؟ من الذي سواها؟
من القادر سبحانه وحده دون سواه أن يغير من نطفة إلى علقة؟ من الذي يستطيع وحده دون سواه أن يغيّر من العلقة إلى المضغة؟ من؟ من يملك كل هذه القدرة المطلقة حتى يستطيع أن يجادل بعد ذلك ويقول ويزعم أن الله سبحانه غير قادر على أن يعيد الإنسان إلى الحياة من جديد بعد أن يصيّره إلى التراب؟
هذه الصورة الأولى في الآية الخامسة.




الأدلة العقلية للقراَن الكريم في إثبات البعث
الصورة الثانية



وتقدم الآية العظيمة صورة أخرى للإنسان صورة تهز الإنسان من أعماقه من جديد تدق له كل أجراس الإنذار لتوقظه من سباته العميق لتشعره بأن يوم القيامة مهما حاولت الهروب منه مهما حاولت أن تهرب من الجزاء مهما حاولت أن تهرب من تلك المحكمة التي ستأتي لا محالة لا تستطيع الهروب.
الصورة الثانية تتعلق أيضاً بصورة حسية نراها أمام أعيننا ليل نهار.




وانظر إلى قول الله عز وجل وإعجاز القرآن في الكلمة
(وَتَرَى الْأَرْضَ)
أمر محسوس أمر نبصره بأعيننا أمر نعاينه كل يوم كل ليلة
(وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً)
خامدة في حالة موت هامدة
(فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء)
من الذي ينزل الماء؟ الله سبحانه وتعالى
(اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)
سبحان الله العظيم!
آية في غاية الإعجاز والعظمة!

كل ما نحتاج إليه لاستشعار عظمة هذه الآية أن أنظر في الواقع الذي أعيش أن أتدبر في الكون الذي حولي الذي ينطق بقدرة الله سبحانه وتعالى المطلقة.
من الذي يحيي الأرض بعد موتها. أليس هو الله سبحانه؟ من الذي يعيد الحياة إلى الأرض الميتة بعد أن قد جفّت وانتهت كل أشكال الحياة فيها لا نبات ولا عشب ولا حياة على الإطلاق ينزل الله سبحانه وتعالى الماء بقدرته على هذه الأرض الميتة فيحييها من جديد لينبت فيها كل أنواع النبات من كل زوج بهيج، من الذي أحياها؟ من الذي بثّ فيها الروح من جديد؟ أليس هو الله سبحانه؟ أليس هو القادر على أن يحيي الموتى كما يحيي هذه الأرض؟ يا سبحان الله!

هذه الآية العظيمة وحدها إذا تدبرت فيها وربطت بين ما أراه في الكون وبين كلمات الآيات وبين حروفها يبدأ الإنسان باليقظة يتخلى عن كبريائه يتخلى عن عناده يتخلى عن إصراره الكاذب عن إصراره وعناده وجداله بغير علم بقدرة الله سبحانه وتعالى على الإعادة إلى الحياة بعد الموت.

(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
انظر إلى عظمة الآية.
الحق هو الله سبحانه، الحق هو الله وحده لا شريك له قادر على كل شيء وليس فقط على إعادة الناس إلى الحياة بعد الموت
(وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ).
الآن وبعد أن قدّمت وتم البناء في نفس الإنسان غير المكابر غير المعاند بعد أن تم بناء الإيمان بالبعث والإيمان بأن هناك يوم قادم لا محالة وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى سيحاسب ويجازي وهناك محكمة عادلة تحاسب الناس على أعمالهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم، إعمل ما شئت في الدنيا ولكن ضع أمام عينيك أنك ستحاسب على كل ما تقوم به.
هذه الحقيقة الحاضرة الغئبة عن أذهان كثير من الناس تبنيها سورة الحج.



ما العلاقة بين الإيمان بالبعث وبين الحديث عن الحج؟


ولكن قبل أن نستمر في تدبر آيات سورة الحج لنا أن نتساءل يا ترى لماذا جاءت سورة الحج بهذه البداية العظيمة والحديث المتواصل القوي الحاضر عن قضية البعث؟ لماذا؟ ما العلاقة بين الإيمان بالبعث وبين الحديث عن الحج؟
ما العلاقة بين هذه البداية المركزة التي تركز في نفس الإنسان الإيمان بالبعث والكلام عن الحج؟ السورة تتحدث عن الحج وسيأتي الحديث عن الحج فلماذا الكلام في البداية عن البعث؟
سبحان الله العظيم!
هذا القرآن العظيم –كما ذكرنا قبل قليل- مُعجز في كل شيء مُعجز في تناسب الآيات والسور، مُعجز في ترتيب الايات في السورة الواحدة، مُعجز في تقديم الأمثال، مُعجز في كل شيء، يا سبحان الله!

من أراد أن ينظر إلى منظر مصغّر ليوم البعث وليوم القيامة فليتدبر الحجّ.
من أراد أن يرى مواقف وأهوال يوم القيامة بصورة مصغّرة مبسطة بطبيعة الحال فليذهب إلى الحج؟ كيف؟

مواقف يوم القيامة مواقف الحشر وقوف الناس ازدحام الناس ما يظهر عليهم من آثار السهر والتعب الشديد والنصب مظاهر أريد لها أن تجعل الإنسان يقترب قليلاً بعض الشيء من مواقف الحج. الحرّ الشديد الزحام الخانق الانتظار الطويل، حال البشر وهم يجتمعون في حالة انكسار وذل وخضوع وتضرع بين يدي الله سبحانه وتعالى. اللباس البسيط الذي يلبسه كل الحجيج دون طبقية دون فرق بين عزيز وذليل، دون فرق بين غني أو فقير دون طبقية على الإطلاق، دون فرق بين أسود أو أبيض، الكل يلهج بالدعاء والتضرع والخضوع والانكسار والذلة لله سبحانه وتعالى، للواحد، للملك، يقفون على هذه المواقف والمشاعر يطلبون شيئاً ًواحداً الكل يشتركون في طلب شيء واحد تركوا من ورائهم الدنيا تركوا الأعمال تركوا المناصب تركوا الأهل تركوا الأولاد تركوا كل شيء وجاؤوا لله الواحد القهار يسألونه صفحاً عفواً مغفرة رحمة من عنده.

هذه المواقف العظيمة تذكر بشيء واحد تذكر بمواقف يوم القيامة مع فارق واحد أني حين أقف في الحج في المشاعر المقدسة على جبل عرفة على منى على مزدلفة حيت أقف تلك المواقف أنا لا زلت في دار العمل لا زلت فيها والحج عمل ومن أعظم العمل. أما يوم القيامة فسأقف مواقف الذل والتضرع والخضوع والترقّب والتوجس
ولا يمكن أن يكون بين يدي عمل آخر أستطيع أن أقدمه فى الآخرة ومواقف يوم القيامة دار جزاء لا دار عمل، انظر إلى الفارق وانظر إلى الربط العظيم الذي ينبغي أن يستحضره كل من يقف في مواقف الحج العظيمة كل من يقف على جبل عرفة عليه أن يتذكر ذلك الموقف الرهيب الذي سيأتي لا محالة. كل من يقف وينفر من منى إلى عرفة إلى مزدلفة عليه أن يتذكر تلك المواقف العظيمة عليه أن يتذكر تنقله بين مواقف وعرصات يوم القيامة عليه أن يتذكر الحال التي سيكون عليها وعليه أن لا ينسى أبداً أنه اليوم لا يزال في رحمة الله سبحانه هو لا يزال في دار العمل فليقدم بين يدي الله سبحانه من الأعمال ما يستطيع أن يقدّمه قبل فوات الأوان. الإيمان بالبعث يبقى دائماً حاضراً في سورة الحج ليؤكد على معاني التقوى ليكون هو الدافع الرئيس للإنسان للعمل للتزود بزاد الدنيا إلى زاد الآخرة للتزود بالأعمال الصالحة للقيام بكل ما يمكنه أن يقوم به ويتزود به من عمل في هذه الدنيا قبل فوات الأوان.


تدبر سورة الحج kntosa.com_03_19_155








الكلمات الدلالية (Tags)
الحج, تدبر, سورة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:40 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل