- التجسس على بيوت المسلمين والاطلاع على عوراتهم (بالاستماع من وراء الأبواب، أو
بالدخول في البيوت على حين غفلة من أهلها، أو باستئذان لغرض كاذب، كشرب
الماء والمقصود غير ذلك... وكل ذلك لا يجوز في شرع الإسلام)
- ومن صوره أيضًا اقتحام البيوت، والخلوات بحجة ضبط من فيها متلبسين بالمعصية، ولا شك أنَّ هذا مما لا يبيحه الشرع ولا يقبله.
-ومن صورالتجسسالممنوع التقصي والبحث عن معاصٍ وسيئات اقترفت في الماضي، والتجسس على أصحابها لمعرفتها.
قال السفاريني: (ويحرم تجسيس على ما يفسق به في الزمن الماضي، أو الفسق الماضي
مثل أن يشرب الخمر في الزمن الذي مضى، وتبحث عنه أنت بعد مدة لأن ذلك
إشاعة للمنكر بما لا فائدة فيه، ولا عود على الإسلام، وإنما هو عيب ونقص،
فينبغي كفه ونسيانه دون إذاعته وإعلانه، وإنما يحرم التجسس عن ذلك إن لم
يجدد العود عليه، والإتيان به ثانيًا. فإن عاوده فلا حرمة إذن.
قال في الرعاية: ويحرم التعرض لمنكر فُعِل خفية على الأشهر، أو ماض، أو بعيد، وقيل
يجهل فاعله ومحله. وقال أيضًا: لا إنكار فيما مضى وفات إلا في العقائد أو
الآراء
- ومن صورالتجسسالممنوع استماع المرء إلى حديث قوم، وهم له
كارهون، فقد تُوُعِّدَ على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيصبُّ
في أذنه الآنك يوم القيامة بسبب فعلته . فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، أو يفرون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة) (رواة البخارى)ومن هذا الحديث يُعلم أنَّ الاستماع لحديث الآخرين بغير رضاهم وإذنهم هو من التجسس المحرم الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذَّر منه، وكفى بترتيب العقوبة المذكورة في الحديث على من يفعل هذا دليلًا على حرمته
ويدخل في هذه الصورة من صورالتجسس التنصت على هواتف الناس ومكالماتهم، وهو (يتضمن معنى تسمع حديث قوم أو التجسس عليهم، فيكون حكم المسألة هو حكم التجسس... أو يكون حكمه حكم التسمع إلى حديث قوم وهم كارهون؛ لأنَّ العادة أنَّ الناس لا يريدون أن يطلع على مكالمتهم أحد،
والذي يتنصت على هواتف الناس بهذا المعنى يدخل تحت الوعيد
- ومن صورالتجسسالممنوعالتجسس على الكافر المسالم، خاصة إذا لم يظهر منه ما يدعو للريبة، قال تعالى: لايَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
- ومن أبشع صورالتجسس وأقبحها التجسس على المسلمين لصالح أعداء الدين (فإذا كان التجسس للوقوف على عورات الأفراد ومعائبهم أمًرا
محرمًا، فإنَّ التجسس على الأمة الإسلامية لحساب أعدائها أشدُّ حرمة، وأعظم خطرًا وضررًا على البلاد، والعباد، وخيانة لله ورسوله وللأمة، وقد تحدَّث
الفقهاء رحمهم الله تعالى على عقوبة من يقوم بهذا العمل الخطير، الذي يُعرِّض الأمة الإسلامية بأكملها لأضرار فادحة، قد يستمرُّ أثرها لأمد بعيد، محطمًا كافة النواحي السياسية والاقتصادية، والاجتماعية للدولة الإسلامية
قال عبد القادر العاني: (ومن أكبر الكبائر وأفظعها التجسس على المسلمين، وإفشاء أسرارهم الحربية إلى أعدائهم، أو إلى من يوصل إليهم)
(وإذ قد اعتبر النهي عن التجسس من فروع النهي عن الظنِّ، فهومقيَّد بالتجسس الذي هو إثم، أو يفضي إلى الإثم، وإذا علم أنه يترتب عليه مفسدة عامة؛ صار التجسس كبيرة. ومنه التجسس على المسلمين لمن يبتغي الضرَّ بهم...)
المصدر
الدرر السنيه