تدبر آية....(الكلم الطيب) 3 من [ امانى يسرى محمد ]

القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=22270
1700 0
انواع عرض الموضوع
08-22-2022 05:45 AM
#1  

افتراضيتفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآيتين 142-143(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ...)


{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)}


نعرف واقع المنافقين أنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر؛ ويوضح الحق: إياكم أن تظنوا أن في قدرة مخلوق أن يفعل شيئاً بدون علم الله، وقد يمكر إنسان بك، وهو يعلم أنك تعلم بمكره، فهل هذا مكر؟ لا؛ لأن المكر هو الأمر الذي يتم خفية بتدبير لا تعلمه، والأصول في المكر ألا يعلم الممكور به شيئاً. والمنافقون حين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر يخادعون من يعلم خافية الصدور. وكان يجب أن يأخذوا درساً من معاملة الله بوساطة المؤمنين لهم، فقد صان المؤمنون دم المنافقين ومالهم. وأجرى المسلمون على المنافقين أحكام الإسلام، لكن ما الذي يبيته الله لهؤلاء المنافقين؟ لقد بيت لهم الدرك الأسفل من النار. فمن الأقدر- إذن- على الخداع؟



إن الذكي حقاً هو من لا يخدع من يعلم أنه قادر على كشف الخداع. وكلمة (خدع) تعني مكر به مكراً فيبدي له قولاً وفعلاً ويخفى سواهما حتى يثق فيه. وبعد ذلك ينفذ المكر. وهناك كلمة (خدع) وكلمة (خادع). والحق في هذه الآية لم يقل إن الله يخدعهم، بل قال: {يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ}.
و(خادع) تعني حدوث عمليتين، مثل قولنا: قاتل فلان فلانا. فالقتال يحدث بين طرفين وكذلك نقول: شارك فلان فلانا؛ لأن مادة (فاعل) تحتاج إلى طرفين. لكن عندما نقول (قتل)، فالفعل يحدث من جانب واحد. والخداع يبدأ من واحد، وعندما يرى الشخص الذي يُراد خداعه أن خصمه أقوى منه فإنه يبيت له خداعاً آخر، وتسمى العملية كلها (مخادعة)، ويقال: خادعه فخدعه إذا غلبه وكان أخدع منه. ومن إذن الذي غلب؟ إن الذي بيَّت الخداع رداً على خداع خصمه هو الغالب.
ولأن الخداع يحدث أولاً، وبعد ذلك يتلقى (المخدوع) الأمر بتبييت أكبر؛ فهو (خادع)، والذي يغلب نقول عنه: (أخدعه) أي أزال خداعه. والله سبحانه وتعالى عاملهم بمثل ما أرادوا أن يعاملوا به المؤمنين، فالمنافقون أظهروا الإيمان أولاً وأضمروا الكفر، وأعطاهم الله في ظاهر الأمر أحكام المسلمين، وفي الباطن قرر أن يعذبهم عذاب الكافرين بل وأشد من ذلك؛ لأنهم سيكونون في الدرك الأسفل من النار.




{إِنَّ المنافقين يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ} وإياك أيها المسلم أن تشتق من هذه العملية اسما لله وتقول (المخادع)؛ لأن أسماء الله توقيفية أي لا نسمي الله إلا بالأسماء التي سمَّى بها نفسه. وسبحانه يفعل الفعل، لكن لا تأخذ من هذا الفعل اسماً، والحق يعطينا هنا (مشاكلة) ليوضح لنا أن المنافقين يمكرون ويبيتون شراً للمؤمنين، وأنت أيها المسلم تعرف أن الإنسان إنما يبيت الشر على قدر طاقته التي مهما كبرت فهي محدودة بجانب طلاقة قدرة الله.



ولذلك يفضح الله هذا الشر المبيت من هؤلاء المنافقين، وهم حين يمكرون فالله بطلاقة قدرته يمكر بهم أي يبطل مكرهم ويجازيهم على سوء فعلتهم، ولا نقول: (الله ماكر). ولله أن يقول في الفعل المشاكل ما يشاء.


{إِنَّ المنافقين يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى}.
إن الغايات من الأحداث هي التي تضفي على الجوارح الإقبال على الأحداث، فإذا كنت تحب الحدث الذي تقبل عليه فأنت تقبل عليه بكل اشتياق ولهفة. ويقيسون لهفة اللقاء لأنها تحدد درجة المحبة. والشاعر العربي يصف لقاء حبيب بحبيبته:
لقاء الاثنين يبين حَدَّهْ ** تلهف كَيْفٍ واستطالة مًدَّهْ



فلحظة اللقاء تبين ما بين الحبيبين من مودة، فإن كانت المسألة بينهما عشر خطوات فهما يسرعان باللهفة فيقطعان العشر خطوات في ثلاث خطوات، وهذا معناه تقصير زمن الابتعاد، وكذلك تظهر الكيفية التي يتم بها السلام درجة المودة، فقد يسلم أحدهما على الآخر ببرود أو بنصف ود، أو بود كبير، أو بود مصحوب بلهفة وأخذ متبادل بالأحضان؛ وكذلك المدة التي يحتضن كلاهما الآخر، هل هي دقيقة أو دقيقتان أو ثلاث؟


إذن فالذي يبين قيمة الود: التلهف، الكيفية، المدة. وهذه العناصر الثلاثة أخذها الشعراء للتعبير عن المودة والحب بين البشر، وقديماً كان الذين يُتَيَّمون بالنساء يسترون في السلام مودتهم. وفي الحصارة الغربية التي سقطت فيها قيم الأديان نجد أن الرجل يتلقى المرأة بالقبلات.




وفي بعض البلاد نجد الرجل يصافح المرأة، فهل يصافحها بتلهف، وهل تبادله هذه اللهفة؟ فإن وجدت الكف مفردة ومبسوطة للمصافحة فقط فهذا سلام عادي. أما إذا ثنى أحدهما إصبعه البنصر على كف الآخر فعليم أن ترى أي طرف هو الذي قام بثني أصبعه ليحتضن اليد كلها في يده، فإن كان ذلك من الرجل فاللهفة منه، وإن كان من المرأة فاللهفة منها، وإن كان من الاثنين فاللهفة منهما معا، ثم ما المدة التي يستغرقها بقاء اليد في اليد؟
وقد يحلو لكليهما معاً- رجل وامرأة- وكأن الكلام قد أخذهما فنسي كل منهما يده في يد الآخر.
سلام نوعين يبين حَدَّهْ ** تلهف كيف واستطالة مُدَّهْ




هكذا يقابل الإنسان الأحداث، فإن كان الحدث ساراً فالإنسان يقبل عليه بلهفة. وإن كان غير ذلك فالإنسان يقوم إليه متثاقلاً. وكان المنافقون يقومون إلى الصلاة بتثاقل وتكاسل: {وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى} كأنهم يؤدون الصلاة كستار يخفون به نفاقهم، ويستترون بها عن أعين المسلمين. ولم يكن قيامهم للصلاة شوقاً إلى لقاء الله مثلما كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال- رضي الله عنه- طالبا منه أن يؤذن للصلاة: (يا بلال أرحنا بالصلاة).
لأن المؤمن يرتاح عندما يؤدي الصلاة، أما المنافق فهي عملية شاقة بالنسبة إليه لأنه يؤديها ليستتر بها عن أعين المسلمين ولذلك يقوم إليها بتكاسل.
{وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَآءُونَ الناس وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً}.




هم يقيمون الصلاة ظاهرياً أمام الناس ليخدعوا المسلمين وليشاهدهم غيرهم وهم يصلون. وفي الصلاة التي يراءون بها الناس لا يقولون كل المطلوب منهم لتمامها، يقولون فقط المطلوب قوله جهراً. كأن يقرأوا الفاتحة وبعض القرآن ولكنهم في أثناء الركوع لا يسبحون باسم الله العظيم وكذلك في السجود لايسبحون باسم الله الأعلى.


ففي داخل كل منافق تياران متعارضان.. تيار يظهر به مع المؤمنين وآخر مع الكافرين. والتيار الذي مع المؤمنين يجبر المنافق على أن يقوم إلى الصلاة ويذكر الله قليلاً، والتيار الذي مع الكافرين يجعله كسولاً عن ذلك، ولا يذكر الله كثيرا.


وإذا ما حسبنا كم شيئا يجهر به المصلي وكم شيئاً يجريه سراً فسنجد أن ما يجريه المصلي سراً في أثناء الصلاة أكثر من الجهر. ففي الركوع يقول: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، ويقول: سبحان ربي الأعلى، في كل سجود ثلاث مرات، أما المنافق فلا يذكر الله إلا جهراً، وهو ذكر قليل. ونجد المنافق لا يفعل فعلاً إلا إذا كان مَرْئيا ومسموعا من غيره، هذا هو معنى المراءاة. أما الأعمال والأقوال التي لا تُرَى من الناس ولا تُسمع فلا يؤديها.


ولا يهز المجتمعات ولا يزلزلها ويهدُّها إلا هذه المراءاة؛ لأن الحق سبحانه يحب أن يؤدي المسلم كل عمل جاعلاً الله في باله، وهو الذي لا تخفى عليه خافية. ويلفتنا إلى هذه القضية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول عن الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).




وإذا كان الإنسان يخجل من أن يغش واحداً مثله من البشر غشاً ظاهرياً فما بالنا بالذي يحاول غش الله وهو يعلم أن الله يراه؟ ولماذا يجعل ذلك العبد ربه أهون الناظرين إليه؟
وعندما يغش واحداً آخر واكتشف الآخر غشه فهو يعاقبه فما بالنا بغش الله؟! ولذلك تجد الرسول صلى الله عليه وسلم ينقل لنا حال المرائي للناس فيقول: (إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله- عز وجل- يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء؟).
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن المرائي ينادى عليه يوم القيامة: يا فاجر يا غادر يا مرائي ، ضل عملك وحبط أجرك فخذ أجرك ممن كنت تعمل له».


إذن فالمنافق إنما يخدع نفسه، هو يتظاهر بالصلاة ليراه الناس. ويزكي ليراه الناس، ويحج ليراه الناس، هو يعمل ما أمر الله به، لكنه لا يعلمه الله، ولذلك قال القرآن: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ والله سَرِيعُ الحساب} [النور: 39].
وقال عن لون ثان من نفاقهم: {كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ الناس وَلاَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} [البقرة: 264].
والصفوان هو الحجر الأملس تماما وهو الذي ليس فيه خشونة، لأن الحجر إن كان به جزء من خشونة وعليه تراب ثم سقط عليه المطر، فالتراب يتخلل الخشونة. أما الحجر الأملس فمن فور نزول المطر ينزلق من عليه التراب. ومن يرائي المؤمنين عليه أن يأخذ أجره ممن عمل له.




تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآيتين 142-143(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ...) image.png.1819f286e9



{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)}
والشيء المذبذب مثل المعلق في خيط فيأخذه الريح إلى ناحية ليقذفه في ناحية أخرى لأنه غير ثابت، مأخوذ من (المذبة) ومنه جاءت تسمية (الذباب): الذي يذبه الإنسان فيعود مرة أخرى، فمن سلوك الذباب أنه إذا ذُبّ عن مكان لابد أن يعود إليه.




{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء} فهل هم الذين ذبذبوا أنفسهم أم تلك هي طبيعتهم؟ ولنتأمل عظمة الحق الذي سوى النفس البشرية؛ ففي الذات الواحدة آمر ومأمور، والحق يقول: {ياأيها الذين آمَنُواْ قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6].
أي أن الإنسان يقي نفسه بأن يجعل الآمر يوجه الأمر للمأمور، ويجعل المأمور يطيع الآمر، ودليل ذلك قول الحق عن قابيل: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} [المائدة: 30].


أي أن جزءًا من الذات هو الذي طوَّع بقية ذات قابيل لتقتل هابيل. فقد خلق الله النفس البشرية كملكات متعددة، ملكة تحب الأريحية وأخرى تحب الشح، والملكة التي تحب الأريحية إنما تطلب ثناء الناس، والتي تحب الشح إنما تفعل ذلك ليطمئن صاحبها أنه يملك ما يغنيه. وكلتا الملكتين تتصارع في النفس الواحدة؛ لذلك يقول الحق: {قوا أَنفُسَكُمْ} فالنفس تقي النفس؛ لأن الملكات فيها متعددة. وبعض الملكات تحب تحقيق المتعة والشهوة، لكن هناك ملكة إيمانية تقول: تذكر أن هذه الشهوات عاجلة ولكنها عظيمة المتاعب فيما بعد.


إذن فهناك صراع داخل ملكات الإنسان، ويوضح لنا الحق هذا الصراع في قوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ}.
لأن قابيل أراد أن يقتل هابيل بغريزة الاستعلاء، ونازعته نفسه بالخوف من الإثم. لقد دارت المراودة في نفس قابيل إلى أن سيطرت غريزة الاستعلاء فأمرت بالقتل وطوعت بقية النفس. وهذا يكشف لنا أن النفس البشرية فيها ملكات متعددة، كل ملكة لها مطلوب. والدين هو الذي يقيم التعايش السلمي بين الملكات.


مثال آخر: الغريزة الجنسية تقيم السعار في النفس، فيقوم الوعي الإيماني بردع ذلك بأن تقول النفس الإيمانية: إياك أن تلغ في أعراض الناس حتى لا تلغ الناس في أعراضك، ولماذا لا تذهب وتتزوج كما شرع الله، ولا ترم أبنائك في فراش غيرك؛ لأن الغريزة مخلوقة لله فلا تجعل سلطان الغريزة يأمر وينهى.


وهكذا نرى أن النفس تضم وتشمل الملكات والغرائز، ولا يصح أن يعدي الإنسان غريزة إلى أمر آخر؛ لأنه إن عدى الشهوات فسدت الدنيا.
وعلى سبيل المثال نحن نستخدم الكهرباء التي تعطي لنا النور في حدود ما يرسم لنا مهندس الكهرباء، الذي وضع القطب الموجب في مجاله وكذلك القطب السالب، بحيث نأخذ الضوء الذي نريده أو تعطينا شرارة لنستخدمها كقوة لإدارة آلة، لكن لو التقى القطب الموجب بالقطب السالب على غير ما صنع المهندس لحدثت قفلة كهربائية تسبب حريقاً أو فساداً.


وكذلك النفس البشرية، إن التقى الذكر مع الأنثى كما شرع الله فإن البشرية تسعد، وإن حدث غير ذلك فالذي يحدث في المجتمع يصير حريقاً نفسياً واجتماعياً لا حدود لآثاره الضارة، وهكذا نرى أن النفس ليس فيها دافع واحد بل فيها دوافع متعددة.


ونجد غريزة الجوع تحرك النفس إلى الطعام، ويستجيب الدين لذلك لكنه يوصي أن يأكل الإنسان بشرط ألا يتحول تناول الطعام إلى شره، كما جاء في الحديث: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه».
فالطعام لبقاء النوع. والإنسان محب للاستطلاع، فيأمر الإسلام الإنسان بأن يستطلع أسباب الله في الكون ليزيد من صلاح الكون، وينهى الإسلام عن استخدام حب الاستطلاع في التجسس على الناس، وهكذا تتوازن الملكات بمنهج الإسلام، وعلى المسلم أن يعايش ملكاته في ضوء منهج الله معايشة سليمة حتى تكون النفس الإنسانية متساندة لا متعاندة، لتعيش كل الملكات في سلام، ويؤدي كل جهاز مهمته كما أراد الله.


لكن المنافق يحيا مذبذباً وقد صنع بنفسه، فقد أرخى لبعض ملكاته العِنان على حساب ملكات أخرى {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء} إن الكافر يمتاز عن المنافق- ظاهرا- بأنه منسجم مع نفسه، هو غير مؤمن بالإسلام ويعلن ذلك ولكنه في حقيقة الأمر يتصارع مع فطرته التي تدعوه إلى الإيمان.




قد يقول قائل: وكيف يتساوى الذي أظهر الإيمان وأبطن الكفر مع الذي أعلن الكفر؟ ونقول: الكافر لم يخدع الطائفة المؤمنة ولم يقل كالمنافق إنه مع الفئة المؤمنة وهو ليس معها؛ بل يعلن الكافر كفره منسجماً مع نفسه، لكن المنافق مذبذب خسيس في وضعه الإنساني والرجولي.
{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً}.




والله لا يضل عبداً بشكل مباشر؛ فسبحانه يُعلم خلقه أولاً بالرسل والمنهج، لكنه يضل من يصر على عدم الإيمان، لذلك يتركه على ضلالة وعماه. صحيح أن في قدرة الله أن يأخذه إلى الإيمان قهراً، لكنه سبحانه يترك الإنسان لاختياره.
فإن أقبل الإنسان على الله فسبحانه يعينه على الهداية، أما إن لم يقبل فليذهب إلى تيه الضلال. ويزين له الدنيا ويعطيه منها لكنه لن يجد سبيلاً؛ فسبيل الله واحد. وليس هناك سبيلان.


ونذكر هذه الحكاية؛ لنعرف قيمة سبيل الله. كان الأصمعي- وهو مؤلف عربي له قيمة كبيرة- يملك أذناً أدبية تميل إلى الأساليب الجميلة من الشعر والنثر، ووجد الأصمعي إنساناً يقف أمام باب الملتزم بالكعبة المشرفة، وكان الرجل يدعو الله دعاء حاراً (يا رب: أنا عاصيك، ولولا أنني عاصيك لما جئت أطلب منك المغفرة، فلا إله إلا أنت، كان يجب أن أخجل من معصيتك ولكن ماذا أفعل). وأعجب الأصمعي بالدعاء، فقال: يا هذا إن الله يغفر لك لحسن مسألتك.



تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآيتين 142-143(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ...) image.png.9d87d209ff








الكلمات الدلالية (Tags)
142-143(إِنَّ, يُخَادِعُونَ, اللَّهَ...), النساء), الْمُنَافِقِينَ, الآيتين, الشيخ, الشعراوى(, تفسير, سورة


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:18 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل