منتدى العالم الاسلامي

كل ما يتعلق بديننا الحنيف على مذهب أهل السنة فقط مواضيع في الدين - Islamic Forum

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=23752
1631 0
02-08-2023 08:00 AM
#1  

افتراضيمن درر العلامة ابن القيم عن النفس


كتاب: روضة المحبِّين ونزهة المشتاقين
النفوسُ الشريفة الزكَّيةُ العلوية تعشقُ صفات الكمال:
النفوسُ الشريفة الزكَّيةُ العلوية تعشقُ صفات الكمال بالذَّات، فأحبُّ شيء إليها العلمُ والشَّجاعةُ والعفَّةُ والجودُ والإحسانُ، والصبر، والثبات؛ لمناسبة هذه الأوصاف لجوهرها، بخلاف النفوس اللئيمة الدنيَّة فإنها بمعزل عن محبة هذه الصفات، وكثير من الناس يحمله على الجود والإحسان فرطُ عشقه ومحبَّته له، واللَّذة التي يجدها في بذله، كما قال المأمون: لقد حُبِّب إليَّ العفو حتى خشيت ألَّا أُؤجَرَ عليه، وقيل للإمام أحمد رحمه الله: تعلمت هذا العلم لله؟ فقال: أمَّا لله فعزيز، ولكن شيء حُبِّبَّ إليَّ، ففعلتُه. وقال آخر: إني لأفرحُ بالعطاء وألتذُّ به أعظم مما يفرحُ الآخذ بما يأخذه مني.

وكثيرٌ من الأجواد يعشق الجود أعظم عِشْق، فلا يصبر عنه مع حاجته إلى ما يجود به، ولا يقبلُ فيه عَذْلَ عاذلٍ، ولا تأخذه لومةُ لائمٍ، وأمَّا عُشَّاق العلم فأعظمُ شغفًا به وعشقًا له من كل عاشقٍ بمعشوقه، وكثيرٌ منهم لا يشغلُهُ عنه أجمل صورة من البشر.

قيل لامرأة الزبير بن بكار أو غيره: هنيئًا لك؛ إذ ليست لك ضرَّة، فقالت: واللهِ لهذه الكتبُ أضرُّ عليَّ مِن عدَّة ضرائر، فعِشْقُ صفاتِ الكمال من أنفع العشق وأعلاه، وإنما يكون بالمناسبة التي بين الروح وتلك الصفات.

أقسام النفوس ومَحابِّها:
النفوس ثلاثة: نفس سماوية عُلوية، فمحبتها منصرفة إلى المعارف، واكتساب الفضائل، والكمالات الممكنة للإنسان، واجتناب الرذائل، وهي مشغوفة بما يُقرِّبها من الرفيق الأعلى، وذلك قُوتُها، وغِذاؤُها، ودواؤها، واشتغالها بغيره هو داؤها.

ونفس سبعية غضبية، فمحبَّتُها منصرفةٌ إلى القهر، والغي، والعلو في الأرض، والتكبُّر، والرئاسة على الناس بالباطل، فلذَّتُها في ذلك، وشغفُها به.

ونفس حيوانية شهوانية، فمحبَّتُها منصرفةٌ إلى المأكل، والمشرب، والمنكح، وربما جمعت بين الأمرين، فانصرفت محبَّتُها إلى العلو في الأرض، والفساد.

الملائكة أولياء لأصحاب النفس السماوية العلوية:
الملائكة أولياء هذا النوع في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت: 30 - 32] فالملك يتولَّى من يناسبه بالنصح له والإرشاد....وإلقاء الصواب على لسانه، ودفع عدوِّه عنه، والاستغفار له إذا زلَّ، وتذكيره إذا نسي، وتسليته إذا حزن، وإلقاء السكينة في قلبه إذا خاف، وإيقاظه للصلاة إذا نام عنها، وإيعاد صاحبه بالخير، وحضِّه على التصديق بالوعد، وتحذيره من الركون إلى الدنيا، وتقصير أمله، وترغيبه فيما عند الله، فهو أنيسه في الوحدة، ووليُّه، ومعلِّمه، ومثبتُه، ومسكِّن جأْشِه، ومرغِّبه في الخير ومحُذِّرة من الشرِّ، يستغفر له إن أساء، ويدعو له بالثبات إن أحسن، وإن بات طاهرًا يذكر الله بات معه في شعاره، فإن قصَدَه عدوٌّ له بسوءٍ وهو نائم، دفعه عنه.

الشياطين أولياء لأصحاب النفوس السبعية الغضبية:
الشياطين أولياء النوع الثاني، قال تعالى: ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ [النحل: 63]، وقال تعالى:﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف: 50].

فهذا النوع بين نفوسهم وبين الشياطين مناسبة طبيعية، بها مالت أوصافُهم، وأخلاقُهم، وأعمالُهم، فالشياطين تتولَّاهم بضدِّ ما تتولَّى به الملائكة من ناسبهم، فتؤزُّهم إلى المعاصي أزًّا، وتزعجهم إليها إزعاجًا، ويزينون لهم القبائح، ويُخفِّفونها على قلوبهم، ويحلونهم في نفوسهم، ويثقلون عليهم الطاعات ويُثبطونهم عنها، ويقبحُونها في أعينهم، ويلقون على ألسنتهم أنواع القبيح من الكلام، وما لا يفيد، ويُزيِّنونه في أسماع من يسمعه منهم، يبيتون معهم حيث باتوا، ويقيلون معهم حيث قالوا، ويشاركونهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم، يأكلون معهم ويشربون معهم وينامون معهم، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [النساء: 38].

كتاب: بدائع الفوائد
النفس كالعدوِّ:
النفس كالعدوِّ إن عرفت صولة الجدِّ منك استأسرت لك، وإن أنست عنك المهانة أسرتك، امنعها ملذوذ مُباحاتها ليقع الصلح على ترك الحرام، فإذا ضجَّت لطلبِ المباح: ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً [محمد: 4].

كتاب: الروح
النفس اللوَّامة:
اللوَّامة، هي التي أقسم بها سبحانه في قوله: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [القيامة: 2]، فاختلف فيها، فقالت طائفة: هي التي لا تثبتُ على حال واحدة، أخذوا اللفظة من التلوُّم، وهو التردُّد، فهي كثيرة التقلُّب والتلوُّن، وهي من أعظم آيات الله، فإنها مخلوق من مخلوقاته تتقلَّب وتتلوَّن في الساعة الواحدة – فضلًا عن اليوم والشهر والعام والعمر – ألوانًا متلونةً، فتذكُر وتغفل، وتقبل وتُعرض، وتلطف وتكثف، وتنيب وتجفو، وتحب وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتطيع وتعصي، وتتقي وتفجر، إلى أضعاف ذلك من حالاتها وتلوُّنها، فهذا قول.



وقالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم...فإن كل أحد يلوم نفسه، برًّا كان أو فاجرًا، فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية الله وترك طاعته، والشقي لا يلومها إلا على فوات حظِّها وهواها...وقالت فرقة أخرى: هذا اللومُ يوم القيامة، فإن كل أحد يلوم نفسه: إن كان مسيئًا على إساءته، وإن كان محسنًا على تقصيره.



وهذه الأقوال كلها حقٌّ ولا تنافي بينها؛ فإن النفس موصوفة بهذا كلِّه، وباعتباره سميت لوَّامة؛ ولكن اللوَّامة نوعان: لوَّامة ملُومة: وهي النفس الجاهلة الظالمة، التي يلومها الله وملائكته، ولوَّامة غيرُ ملومة: وهي التي لا تزال تلومُ صاحبها على تقصيره في طاعة الله مع بذله جهده، فهذه غير ملومة.



وأشرف النفوس مَن لامت نفسها في طاعة الله، واحتملت ملائم اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلَّصت من لوم الله لها، وأما من رضيت بأعمالها...ولم تحتمل في الله ملام اللُّوام، فهي التي يلومها الله عز وجل.



النفس الأمَّارة:
النفس الأمَّارة فهي المذمومة، فإنها تأمر بكل سوء، وهذا من طبيعتها إلا من وفَّقها الله، وثبَّتها، وأعانها، فما تخلَّص أحد من شرِّ نفسه إلا بتوفيق الله له، كما قال تعالى حاكيًا عن امرأة العزيز: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [يوسف: 53]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ [النور: 21]، وقال تعالى لأكرم خلقه عليه وأحبِّهم إليه: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا [الإسراء: 74].



وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّمهم خطبة الحاجة: ((إنَّ الحمدَ لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له))، فالشرُّ كامنٌ في النفس، وهو موجب سيئات الأعمال، فإن خلى الله بين العبد وبين نفسه هلك بين شرِّها وما تقتضيه من سيئات الأعمال، وإن وفَّقه وأعانه نجَّاه من ذلك كله، فنسأل الله العظيم أن يعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.



النفس المطمئنة:
النفس المطمئنة هي أقلُّ النفوس البشرية عددًا، وأعظمها عند الله قدرًا، وهي التي يُقال لها: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر: 28 - 30]، والله سبحانه المسؤول المرجو الإجابة، أن يجعلنا نفوسنا مطمئنةً إليه، عاكفةً بهمتها عليه، راهبةً منه، راغبةً فيما لديه، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وألَّا يجعلنا ممن أغفل قلبه عن ذكره، واتَّبع هواه، وكان أمره فرطًا.



تأثير النفس في غيرها:
تأثيرات النفوس بعضها في بعض أمر لا ينكره ذو حسٍّ سليم ولا عقل مستقيم، ولا سيَّما عند تجرُّدها نوع تجرد عن العلائق والعوائق البدنية، فإن قواها تتضاعف وتتزايد بحسب ذلك، ولا سيَّما عند مخالفة هواها وحملها على الأخلاق العالية...وتجنبها سفساف الأخلاق ورذائلها وسافلها، فإن تأثيرها في العالم يقوي جدًّا تأثيرًا يعجز عنه البدن، وأعراضه: أن تنظر إلى حجر عظيم فتشُقُّه، أو حيوان كبير فتُتلفه، أو نعمة فتزيلها، وهذا أمر قد شاهده الأمم على اختلاف أجنساها وأديانها، وهو الذي يُسمَّى إصابة العين، فيضيفون الأثر إلى العين، وليس لها في الحقيقة؛ وإنما هو للنفس المتكيفة بكيفية رديَّة سُمِّيَّة، وقد يكون بواسطة العين، وقد لا يكون؛ بل يوصف له الشيء من بعيد، فتتكيَّف عليه نفسه بتلك الكيفية فتفسده.

كتاب: الفوائد
شهود عيوب النفس:
شهود العبد ذنوبه وخطاياه توجب له ألَّا يرى لنفسه على أحدٍ فضلًا، ولا له على أحدٍ حقًّا، وإذا شهد ذلك من نفسه لم يرَ لها على الناس حقوقًا من الإكرام يتقاضاهم إياها ويذمُّهم على ترك القيام بها...فيرى أنَّ من سلَّم عليه أو لقيه بوجهٍ منبسط فقد أحسن إليه، وبذل له ما لا يستحقُّه، فاستراح هذا في نفسه، وأراح الناس من شِكايته وغضبه على الوجود وأهله، فما أطيبَ عيشَه! وما أنعم بالَه! وما أقرَّ عينَه!.

التضييق على النفس، والتوسيع عليها:
النفس كلما وسَّعت عليها ضيَّقت على القلب حتى تصير معيشتُه ضنكًا، وكلما ضيَّقت عليها وسَّعت على القلب حتى ينشرح وينفسح.

الاشتغال بعيوب النفس:
طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، وويل لمن نَسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس، هذا من علامة الشقاوة، كما أن الأول من أمارات السعادة.

من شغل بنفسه شُغل عن غيره، ومن شُغل بربِّه شُغل عن نفسه.

من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس.

من عرف نفسه عرف ربَّه:
من عرف نفسه عرف ربَّه، فإنه من عرَف نفسَه بالجهل والظلم والعيب والنقائص والحاجة والفقر والذُّل والمسكنة والعدم، عرف ربَّه بضدِّ ذلك، فوقف بنفسه على قدرها، ولم يتعدَّ بها طورها، وأثنى على ربِّه ببعض ما هو أهله، وانصرفت قوة حُبِّه وخشيته ورجائه وإنابته وتوكُّله إليه وحده، وكان أحبَّ شيء إليه وأخوف شيء عنده وأرجاه له، وهذا هو حقيقة العبودية، والله المستعان.

مجاهدة النفس تُذهِبُ أخلاقها المذمومة:
سبحان الله في النفس: كبرُ إبليس، وحسد قابيل، وعُتُوُّ عاد، وطغيانُ ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغيُ قارون، وقحة هامان، وحِيَل أصحاب السبت، وتمرُّدُ الوليد، وجهل أبي جهل.

وفيها من أخلاق البهائم: حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجُعل، وعقوق الضَّبِّ، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسقُ الفارة، وخُبْثُ الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفَّةُ الفراش، ونوم الضبع، غير أنَّ الرياضة والمجاهدة تُذهِبُ ذلك.

جهل الإنسان بمصالح نفسه:
والعبدُ- لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربِّه وحكمته ولطفه- لا يعرف التفاوت بين ما مُنِعَ منه وبين ما ذُخِرَ له؛ بل هو مُولِع بحبِّ العاجل وإن كان دنيًّا، وبقلَّةِ الرغبة في الآجل وإن كان عليًّا.

ولو أنصف العبد ربَّه – وأنَّى له بذلك – لعَلِمَ أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذَّاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك، فما منعه إلا ليُعطيه، ولا ابتلاه إلا ليُعاقبه، ولا امتحنه إلا ليُصافيه، ولا أماته إلا ليُحييه، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتاهَّب منها للقدوم عليه، وليسلك الطريق الموصلة إليه.

كتاب: طريق الهجرتين وباب السعادتين
غِنى النفس:
غنى النفس...استقامتها على الأمر الديني الذي يحبُّه الله ويرضاه، وتجنُّبها لمناهيه التي يسخطها ويُبغضها، وأن تكون هذه الاستقامة على الفعل والترك تعظيمًا لله وأمره، وإيمانًا به، واحتسابًا لثوابه، وخشية من عقابه، لا طلبًا لتعظيم المخلوقين له ومدحهم، وهربًا من ذمِّهم وازدرائهم، وطلبًا للجاه والمنزلة عندهم، فإن هذا دليل على غاية الفقر من الله، والبعد منه، وأنه أفقر شيء إلى المخلوق.



فسلامة النفس من ذلك واتصافها بضدِّه دليل غناها؛ لأنها إذا أذعنت منقادةً لأمر الله طوعًا واختيارًا ومحبةً وإيمانًا واحتسابًا، بحيث تصير لذَّتها وراحتها ونعيمها وسرورها في القيام بعبوديته، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا بلالُ، أرِحْنا بالصَّلاةِ))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((حُبِّب إليَّ من دُنْياكم النساءُ والطيِّبُ، وجُعِلت قُرَّةُ عيني في الصلاة)).

كتاب: التبيان في أيمان القرآن
النفس اللوَّامة:
كل نفس لوَّامة؛ فالنفس السعيدة تلوم على فعل الشر وترك الخير فتُبادِر إلى التوبة، والنفس الشقيَّة بالضد من ذلك.



ونبَّه سبحانه بكونها لوَّامة على شدة حاجتها وفاقتها وضرورتها إلى مَن يُعرِّفها الخير والشر، ويرشدها إليه ويلهمها إياه، فيجعلها مريدةً للخير مؤثرة له، كارهةً للشر مجانبةً له.



النفس المعطية:
النفس المعطية: هي النفَّاعة المحسنة التي طبعها الإحسان وإعطاء الخير اللازم والمتعدي، فتعطي خيرَها لنفسها ولغيرها، فهي بمنزلة "العين" التي ينتفع الناس بشربهم منها، وسقي دوابهم وأنعامهم وزروعهم، فهم ينتفعون بها كيف شاؤوا فهي مُيسَّرة لذلك، وهكذا الرجل المبارك مُيسَّر للنفع حيث حلَّ، فجزاء هذا أن يُيسِّره الله لليُسْرى كما كانت نفسُه مُيسَّرةً للعطاء.

كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد
مراتب جهاد النفس:
جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها: أن يُجاهِدها على تعلُّم الهدى ودين الحق.

الثانية: أن يُجاهِدها على العمل به بعد علمه.

الثالثة: أن يُجاهِدها على الدعوة إليه، وتعليمه من لا يعلمه.
الرابعة: أن يُجاهِدها على الصبر على مشاقِّ الدعوة إلى الله، وأذى الخلق.



رياضة النفوس:
رياضة النفوس بالتعلُّم والتأدُّب، والفرح والسرور، والصبر والثبات، والإقدام والسماحة، وفعل الخير، ونحو ذلك ممَّا ترتاض به النفوس.

النفوس...من أعظم رياضتها: الصبر والحب، والشجاعة والإحسان، فلا تزال ترتاض بذلك شيئًا فشيئًا حتى تصير لها هذه الصفات هيئات راسخة، وملكات ثابتة.

من لم يجاهد نفسه أولًا لتفعل ما أمرت به، وتترك ما نهيت عنه، ويُحاربها في الله، لم يُمكنه جهاد عدوِّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوه الذي بين يديه قاهر له، مُتسلِّط عليه، لم يجاهده، ولم يُحارِبْه في الله.

كتاب: إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان
ظهور ما في النفس من طيب وخبث على الجسد:
النفس النجسة الخبيثة يقوى خبثها ونجاستها حتى يبدو على الجسد، والنفس الطيبة بضدِّها، فإذا تجردت وخرجت من البدن وُجِدَ لهذه كأطيب نفحة مسكٍ وُجِدت على وجه الأرض، ولتلك كأنتن ريح جيفةٍ وُجِدت على وجه الأرض.

لجهل النفس تضع الداء موضع الدواء:
النفس...لجهلها تظن شفاءها في اتِّباع هواها؛ وإنما فيه تلفُها وعطبُها ولظلمها...تضع الداء موضع الدواء فتعتمده وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه فيتولَّد من بين إيثارها للداء واجتنابها للدواء أنواع من العِلَل التي تُعيي الأطباء ويتعذَّر معها الشفاء.

فوائد محاسبة النفس:
في محاسبة النفس عدة مصالح: منها: الاطلاع على عيوبها، ومن لم يطَّلِع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مَقَتَها في ذات الله.

من فوائد محاسبة النفس: أنه يعرف بذلك حقَّ الله عليه، ومن لم يعرف حقَّ الله عليه فإن عبادته لا تكاد تُجدي عليه، وهي قليلة المنفعة جدًّا.

من فوائد محاسبة النفس النظر في حقِّ الله على العبد، فإن ذلك يُورِثه مَقْتَ نفسِه، والإزراء عليها، ويُخلِّصه من العُجْب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذُّل والانكسار بين يدي ربِّه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفوِ الله.


كتاب: مدارج السالكين في منازل السائرين
السخط على النفس:
قد قيل: علامة رضا الله عنك سخطك على نفسك، وعلامة قبول العمل احتقاره واستقلاله وصغره في قلبك، حتى إن العارف ليستغفر الله عقيب طاعاته.



سوء الظن بالنفس، إنما احتاج إليه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويُلبس عليه، فيرى المساوئ محاسن، والعيوب كمالًا،... ولا يسيءُ الظن بنفسه إلا مَن عرَفها، ومن أحسن ظنَّه بها فهو من أجهل الناس بنفسه!

رياضة النفس:
من منازل: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] الرياضة، وهي تمرين النفس على الصدق والإخلاص...تمرينها على قبول الصِّدق إذا عرضه عليها في أقواله وأفعاله وإرادته، فإذا عرض عليها الصدق قبلته وانقادت له وأذعنت له، وقبول الحق ممن عرضه عليه.



تهذيب الأخلاق بالعلم المراد به إصلاحها وتصفيتها بموجب العلم فلا يتحرَّك بحركةٍ ظاهرةٍ أو باطنةٍ إلا بمقتضى العلم، فتكون حركاتُ ظاهره وباطنه موزونةً بميزان الشرع.


شبكة الالوكة








الكلمات الدلالية (Tags)
من, القيم, النفس, العلامة, ابن, درر, عن

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:15 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل