القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=24743
846 1
انواع عرض الموضوع
05-29-2023 04:49 AM
#1  

افتراضي(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)د.رقية العلواني


(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا)


وما أكثر مصائب الدنيا أخذاً ومنعاً ورداً وعطاءً وصحةً وسقماً ومرضاً ونزولاً وصعوداً وهبوطاً، فتن الدنيا المختلفة. كل ما يصيبك في سبيل الله إن كان في سبيل الله فهو مدّخر عند الله عز وجل بينما كل ما يصيبك من أجل الدنيا وحطامها وركامها إنتهى ولذلك لا تشغلك مصائب الدنيا لأننا نحن بما نشتغل عن الله عز وجل؟!


إما بأفراح الدنيا وإما بأتراحها، أفراح الدنيا ينبغي ألا تلهيني لأنها زائلة مؤقتة كما جاء في الأية
(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
لا حُسنها يدوم ولا فرحها يدوم إذاً لا تستغرقك المشاكل والمصائب والصعاب في الدنيا والإبتلاءات المختلفة عن مضمار السباق الحقيقي مضمار الآخرة لا تشغلك الدنيا لا تستغرقك لا بأفراحها ولا بأتراحها.

هذا المحك الحقيقي الذي تصنعه فيّ سورة الحديد حين توقظ قلبي الغافل عن هذه المعاني العظيمة. ولذا ربي عز وجل جاء في أخر الآية وقال
(وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
مما يقسّي القلب ويبعده عن خالقه عز وجل أن يغترّ بما لديه وبما أنعم لله عليه عطاء دنيا مال شهرة فُتحت عليّ أبواب الدنيا وفتنها حدث عندي مرض الإختيال والفخر والعجب بما أمتلك الذي يسوقني إلى التعالي عن الآخرين وبالتالي الوصول إلى قسوة القلب. من أكثر الأدواء والأمراض التي تقسي قلوب الناس هي الإختيال والإغترار بما قد وهبهم الله عز وجل وهو عارية ولا بد في يوم أن تُستردّ الودائع.

إذاً ماذا أفعل؟ 
عليّ أن أوظفها في ما يرضي الله عز وجل ولذلك جاءت الآية التي تليها

(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ)
أنه يرى أن ما أنعم الله به عليه وما فتح عليه من أموال الدنيا إنما هو له إنما هو يمتلكه هو وبالتالي يبخل في توظيف هذه الأشياء في خدمة الحق الذي يُفترض أن يؤمن به وحمل هذا الحق لكل من يتعطش لذلك الحق. هذا النوع من الناس لا يمكن أن يفتح الله سبحانه وتعالى عليه بإيمان في قلبه


((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز))


[الحديد/ 25].

(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ)
دعوة الرسل والأنبياء


(وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ)


لأيّ شيء يا رب؟
ليقوم الناس بالقسط.
نور آيات الكتاب العظيم الكتب العظيمة السماوية قامت على أي شيء؟
قامت بالقسط، قامت بالعدل.
على قدر بذلك وعطائك وقيامك بهذه الدعوة العظيمة وإحقاق الحق ونصرته يكون ذاك النور الذي تحدثنا عنه. اُنظر إلى الربط، آيات القرآن العظيم لايمكن أن تحجب عن الناس عن العالم الذي نعيش فيه إلا من خلال الممارسات الخاطئة التي نعيش نمارسها نحن، ولذلك ربي عز وجل يعاقب بأيّ شيء؟
بإطفاء النور بقدر ما أنا بتصرفاتي وسلوكي الخاطئة قد حجبت وصول النور عن الآخرين ولذلك كان النفاق خطيراً ولذلك ذمّ ربي النفاق ولذلك جاء الحديث عن المنافقين في آيات النور وفي مقابلتها
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)
لماذا؟
أنا حين أتصرف بخلاف ما يُملي عليّ إيماني وتوحيدي إيماني بآيات القرآن العظيم هذا ليس تصرفاً شخصياً، لا، أنا حجبت هذا النور نور أيات الكتاب عن الآخرين عن أن يصل إلى العالم فكان الجزاء من جنس العمل أن يُحجب عني النور في الدنيا وفي الآخرة. ذاك التناقض العجيب الذي يعيشه بعض المسلمين القرآن يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) وأقوالي وأفعالي تكذِّب والعياذ بالله ما يقوله القرآن.


القرآن في وادٍ وسلوكي وأفعالي في وادٍ آخر.
القرآن يقول (افعلوا الخير) وأنا لا أفعل إلا الشرّ، القرآن يقول كونوا مع الصادقين وكونوا من المتصدقين وأقرضوا الله قرضاً حسناً وأنا وأعمالي شيء آخر!
القرآن يقول وأفعالي تقول شيئاً آخر وبهذه التناقضات المختلفة حجبت النور عن العالم بأسره أوقفت دعوة الأبياء التي قامت على الحق والعدل، والحق والعدل لا يقوم إلا بقوة وليست قوة مادية فقط كما أشار لها القرآن


(وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)



هذه قوة مادية ولكن هناك قوة معنوية ركزت عليها آيات سورة الحديد في البداية تماماً "الحق ودعوة الرسل ودعوة الأنبياء"
لا يمكن أن تحقق في واقع الحياة إلا بقوة معنوية وقوة مادية


. القوة المعنوية هي التي تحملها القلوب العائدة إلى ربها عز وجل المسبِّحة لخالقها سبحانه وتعالى والقوة المادية هي التي جاء ذكرها في قوله عز وجل



(وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ).



(وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
ربي سبحانه غير محتاج لنصرة أحد أبداً، كيف وهو القوي العزيز سبحانه؟
ولكن أنا بحاجة إلى أن أنصر الحق وأناصر الحق لأكون من أهل الحق وألحق بركب الصديقين والشهداء وألحق بركب نصرة الأنبياء ورسالاتهم في تحقيق الحق وفي رفع هذا الحق ورفع رايته. وتأملوا معي كيف جاءت الآيات الأخيرة للمقارنة بمن كان من أهل الكتاب، بمن إختاروا طريق العزلة عن المجتمع والناس الرهبانية العزلة عن المجتمع، الحق لا ينتصر بعزلة عن مجتمع في صومعة أو في مكان بعيد عن الناس وبعيد عن مظاهر الخلل والفساد المنتشرة في المجتمع. دعوة الأنبياء ودعوة الحق والعدل لا تنتصر بالعزلة وإنما تنتصر بمكابدة أحوال الناس والمجتمع، بتصحيح الخطأ، ببذل كل ما استطيع لأجل أن أعرف المعروف وأتُبعه وأساهم في أن يتبع الناس ويسيروا على هذا المعروف وأن أُنكر المنكر ولا أُقِرّه.


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)


حين تصبح الحياة بكل ما فيها تصديقاً لإيمان القلب، حين تصبح الحياة وتصرفاتي وسلوكي في واقع الحياة تنفيذاً لأوامر الله تطبيقاً وتفسيراً لآيات الكتاب العظيم وحملاً لدعوة الأنبياء والرسل بالعدل والحق وإحقاقاً له شيء طبيعي أن أصبح نوراً أن أصبح نوراً ليس فقط في الآخرة أو على الصراط كما هو متوقع بإذن الله ومُنتظر ولكن أنا في حياتي أصبح نوراً وما أحوج العالم الذي نعيش فيه اليوم، العالم الذي تلاطمت فيه ظلمات الباطل، تلاطمت فيه ظلمات الفساد وأصبح يتوق إلى بصيص نور، بصيص نور فقط رغم كل الأنوار المضاءة من حولنا رغم كل ما أنارته الحضارة من كهرباء وغيرها.

ولكن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى بصيص نور ولن يتحقق ذلك النور إلا بقلوب قد فاضت بنور الإيمان والكتاب، الذي اكتاب الذي تؤمن به القرآن الذي وصفه ربي بأنه نور ولكن ليتحقق هذا النور في قلبي ينبغي أن اتخلص من كل عوامل القسوة والغفلة والبعد عن الله عز وجل ولا تحجبني الدنيا ببهرجتها عن نفوذ ودخول نور الإيمان العظيم ونور القرآن العظيم في قلبي وحين يشع ويفيض القلب بنور الإيمان وبنور القرآن لا يمكن أبداً أن يقف أمام هذا النور شيء في واقع الحياة فيصبح المؤمن مصدر إشعاع لكل العالم ينير الله به ما يشاء ويفتح أمامه ما يشاء من طرق الخير فيكون حينها الجزاء من جنس العمل، ذاك النور الذي ينتظر المؤمنين لكي يسعى بين أيديهم ويبشرهم بكل خير وبكل عطاء.


سورة الحديد بآياتها العظيمة وبكل ما جاء فيها من عِبَر ومن مواعظ تأخذ بقلوبنا إلى الطريق الصحيح تعيد القلوب العطشى إلى خالقها لتحيي فيها من جديد ما قد خفى وما قد غاب وما قد راح. نسأل الله العظيم أن يحيي قلوبنا بنور الإيمان العظيم وأن يجعل لنا نوراً من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا وأن يجعل في قلوبنا نوراً وفي عقولنا نوراً وفي أعمالنا نوراً يشع خيره وعطاءه للعالم أجمع


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



تدبر سورة الحديد

لد/ رقية العلواني



اسلاميات








05-30-2023 03:36 PM
#2  

افتراضيرد: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)د.رقية العلواني

موضوع جميل شكرا جزيلا





الكلمات الدلالية (Tags)
(لِكَيْلَا, فَاتَكُمْ, مَا, وَلَا, آتَاكُمْ)د.رقية, العلواني, بِمَا, تَفْرَحُوا, تَأْسَوْا, عَلَى


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير الشعراوى سورة الأنعام الأية 3(يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 1 06-22-2023 12:30 PM
تفسيرالشعراوى(سورة الأعراف)181-183(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 04-26-2023 06:13 AM
تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) الآية 81{ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 07-08-2022 03:36 AM
تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء)الآية 75 {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 07-02-2022 02:27 PM
المقصود ب أَمْوَالَكُمْ( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) امانى يسرى محمد القرآن الكريم 0 05-27-2022 05:05 AM


الساعة الآن 09:13 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل