القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=24317
1082 0
انواع عرض الموضوع
04-17-2023 05:21 AM
#1  

افتراضيمأساة الواقع { كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون }


﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 79]









لقد نزلت هذه الآية من رب العالمين للمسلمين عن بني إسرائيل؛ لتحذر المسلمين من هذا الفعل المشين: ﴿ لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾ [المائدة: 79]؛ تقليدًا لهم: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79]، فهم ملعونون.








ولكن تقليدهم فيما يفعلونه؛ كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَتتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن؟))؛ [رواه الشيخان].







فقد اعتاد الناس على مشاهدة المنكر، والفواحش، ووقوع الجرائم وضح النهار، وتُطالِعنا الأخبار يوميًّا بذلك، ومواقع التواصل الاجتماعي بروايات يَندَى لها الجبين، كما تعرض شاشات العرض المختلفة صورًا وحواراتٍ تفوح بكل هذا، وتعرض مناظرَ لا يرضاها رب العالمين، يتبارى فيها النساء بعرض ما أكرمهن الله من مفاتنَ يجب سترها، تجد هذا حيثما ذهبت.







لقد اعتاد الناس على مشاهدة ذلك، ولكن ليس هناك من يحرك ساكنًا، أو ينكر منكرًا.







تقع أمام الناس المنكرات، والكل يقول: هذا لا يخصني، لا أقحم نفسي فيما لا يَعنيني.







فقد تم قتل فتاة أمام أعين ركاب باص وأمام بوابة جامعة، والناس كُثُر لم يحرك فرد منهم ساكنًا، حتى لسانه، لمنع عملية القتل، الكل يشاهد، كما يشاهدون ذلك في التلفاز ومواقع التواصل المليئة بكل المعاصي.







فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهى عن المناكير، وقلة عبئهم به، كأنه ليس من ملة الإسلام في شيء، مع ما يتلون من كلام الله وما فيه من المبالغات في هذا الباب!







إن الفواحش والعدوان قد يقعان في كل مجتمع من الأشرار المفسدين المنحرفين؛ فالأرض لا تخلو من الشر، والمجتمع لا يخلو من الشذوذ.








ولكن إذا كان المجتمع صالحًا، فإنه لا يسمح للشر والمنكر أن يصبحا عرفًا مصطلَحًا عليه، وأن يصبحا سهلًا يجترئ عليه كل من يهُمُّ به.







روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكَنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لتدعُنَّه، فلا يستجيب لكم)).







فيجعل الله عقوبة الجماعة عامة بما يقع فيها من شر إذا هي سكتت عليه، ويجعل الأمانة في عنق كل فرد، بعد أن يضعها في عنق الجماعة عامة، وهذا ما نحن فيه من ضنك الحياة، وأمراض العصر، وقلة الْمُؤْنة.







وروى الإمام أحمد عن عدي بن عميرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يَرَوا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه، فإذا فعلوا ذلك، لعن الله العامة والخاصة)).







لقد وصل الحال أن أصبح الدعاة أنفسهم ينزلون من على المنابر بعد نصائحهم للعامة بعدم فعل المنكر، ثم بعد خروجهم من أبواب المساجد يسيرون بين الناس في وسط المنكر من كل جهة، ولا ينكرونه حتى بألسنتهم التي كانت تُجَعْجِع داخل المساجد، فهم خارج المساجد ليسوا بدعاة.







فلو كان لديهم تعظيم لربِّهم لَغاروا لمحارِمِه، ولَغضِبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر - مع القدرة - موجبًا للعقوبة؛ لِما فيه من المفاسد العظيمة؛ منها: أن مجرد السكوت فعل معصية، وإن لم يباشرها الساكت؛ فإنه - كما يجب اجتناب المعصية - يجب الإنكار على مَن فَعَلَ المعصية.







إن ذلك يجرِّئ العصاة والفَسَقَة على الإكثار من المعاصي إذا لم يُردَعوا عنها، فيزداد الشر، وتعظُم المصيبة الدينية والدنيوية، ويكون لهم الشوكة والظهور، ثم بعد ذلك يضعُف أهل الخير عن مقاومة أهل الشر؛ حتى لا يقدروا على ما كانوا يقدرون عليه أولًا، ومنها: أن بِترْكِ الإنكار للمنكر يندرس العلم، ويكثر الجهل، فإن المعصية مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص، وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها - يُظَنُّ أنها ليست بمعصية، وربما ظن الجاهل أنها عبادة مستحسنة، وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرم الله حلالًا؟







إن إنكار المنكر في موقعه هو الأجدى في نفوس الناس، وليست المواعظ في التلفاز أو مواقع الكلام والتسجيلات؛ تدبر قول الله في كتابه الكريم عن الداعية الحق: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ﴾ [الأنعام: 122].







إن إنكار المنكر مسؤولية كل أفراد المجتمع وليس الدعاة أو غيرهم؛ فقوة المجتمع من قوة أفراده وحبهم الخير للجميع.








عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَلُ القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقَوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم، نجَوا ونجَوا جميعًا))؛ [رواه البخاري].



أ. د. فؤاد محمد موسى



شبكة الالوكة








الكلمات الدلالية (Tags)
فعلوه, كانوا, لا, لبئس, منكر, مأساة, ما, يفعلون, يتناهون, {, }, الواقع, عن


الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل