القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=22391
1336 0
انواع عرض الموضوع
09-11-2022 07:06 PM
#1  

افتراضيتفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) 174-176


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)}



البرهان هو الإعجاز الدال على صدق المبلغ الأخير عن الله، وهو الحجة الدامغة.
وقد يقول قائل: ما هو البرهان وما هو النور؟.


ونعلم أن كل رسول يأتي بمعجزة تثبت صدق بلاغه عن ربه قد تكون المعجزة بعيدة عن المنهج، ثم يعطيهم الرسول المنهج ببلاغ من الله؛ مثال ذلك أن معجزة سيدنا موسى كانت العصا لكن منهجه هو التوراة. إذن فالمعجزة هي البرهان على صدق الرسول فيما بلغ عن ربه، وقد لا يكون للمعجزة صلة بالمنهج، فعيسى عليه السلام كانت معجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ومنهجه الإنجيل.


اما رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الخاتم فقد تجلت معجزته في أنها عين منهجه، إنّها القرآن ولم تنفصل المعجزة عن المنهج؛ لأنه رسول عام إلى الناس كافة وإلى أن تقوم الساعة. هذا هو البرهان. أما (النور) فقد جاء أيضاً من أمر حسيّ؛ لأن النور يمنع الإنسان من أن يتعثر في مشيته أو أن يخطئ الطرق أو أن يصطدم بالأشياء فيؤذيها أو تؤذيه. إذن النور الموجود في القرآن هو حقائق القيم، أما نور الله في الماديات فهو أمر معروف للكافة.
ومن بعد ذلك يقول الحق: {فَأَمَّا الذين آمَنُواْ...}.





{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)}



لقد آمنوا بالله واعتصموا به، ما معنى الاعتصام؟.


قديماً كان الرجل عندما يقع في هوة يصرخ ليحذبه إنسان خارج الهوة بيده، وهذا هو الأصل في الاعتصام، أي يستمسك الإنسان بمن ينقذه من هاوية أو كارثة، والحق يعطي الأسباب، فإذا جاءت الشمس وسار فيها إنسان فقد أعطاه الله الشجرة ليستظل بها. وإذا ما نزل المطر فيمكن أن نستتر منه بمظلة، وإذا عطش إنسان فالله يعطيه سبباً ليأخذ كوب ماء، والعاقل هو الذي يذكر عند كل سبب من أوجد السبب.
فإياك أيها المؤمن أن تغتر بالأسباب؛ لأن عدم الاغترار بالأسباب يحمي الإنسان. فعندما تأتيه أمور في ظاهرها شر، فمادام مجريها هو الله فهي خير بالتأكيد، لكنك لا تعلم.



وما أضل علم الإنسان في كثير من المسائل؛ فالإنسان قد يحسب أمرا أنّه هو الحسن، فيظهر له بعد حين أنه السوء، وقد يعتبر إنسان أمرا هو السيئ، فيظهر له بعد حين أنه الحسن، ولا يوجد واحد منا إلا وفي حياته أشياء كان يظنها خيرا؛ فإذا بها شر، أو كان يظنها شراً فإذا بها خير. والشر هو ما يأتيه الإنسان لنفسه بعمله، أما الأمور التي تقع على الإنسان فحكمتها تمشي على مقتضى علم الله لا على مقتضى هوى البشر.


إننا نجد من يقول: إنني أدعو الله بكذا ولا يستجيب لي. ونقول: أنك تدعو بأشياء تظنها الخير لك؛ لكن الله يعلم أن هذه الأشياء ليست هي الخير؛ لذلك لا يعطيها لك، فإن كنت مؤمناً بالله ومعتصماً به فأنت تهمس لنفسك: أَلِيَ في هذا الأمر مدخل أم لا مدخل لي فيه؟. فإذا كان لك فيه مدخل فاللوم على نفسك. وإن كان الأمر قد أجراه عليك فهو خير لك ولله حكمة في ذلك.

وحَظِّي من الدنيا سواء لأنني ** رضيت بحكم الله في العسر واليسر


فإن أقبلت كان الجزاء على النجا ** وإن أدبرت كان الجزاء على الصبر

{فَأَمَّا الذين آمَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً}. وماداموا قد آمنوا بالله واعتصموا بالله واعتصموا به فسيهديهم صراطه المستقيم، وعاقبة الهداية وثمرتها فسرها وبيّنها قوله الحق: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} [محمد: 17].
وقال لنا الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمل بما عَلِم ورّثه الله عِلْمَ ما لم يعلم».
أي يصير مأموناً على العلم؛ لأن العلم الذي أخذه عن الله وظَّفه في خدمة غيره، ولم يدخره أو يعطله. ويختتم الحق سبحانه وتعالى سورة النساء بقوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ...}.




{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}


والاستفتاء هو طلب الفتيا. ومعناها إرادة معرفة حكم شرعي لله في أمر لا يجد السائل علماً له فيه. وكان الصحابة يستفتون رسول الله، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: (ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه).


وجاء القرآن في كثير من الآيات ب (يسألونك). كأن الحق يعلمنا أن الصحابة أرادوا أن يثبتوا أنهم أحبوا منهج الله فأرادوا أن يبنوا حياتهم كلها على منهج الله، ولو كانوا قد كرهوا منهج الله لما سألوا، لقد وجدوا أن الإسلام قد جاء، ووجد أشياء الجاهلية وأقرها، ووجد أشياء قام بتغييرها؛ ولم يرد الصحابة أن يصنعوا الأشياء على أنّها امتداد لصنع الجاهلية، بل أرادوا أن يصنعوها على أنها حكم للإسلام؛ لذلك جاءت أسئلتهم الكثيرة. والفتوى تكون في حكم. والسؤال يكون في حكم وفي غير حكم. وهم يطلبون الفتوى في الكلالة، ودقة القرآن في إيجاز السؤال: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة} وقد تقدم من قبل الحديث عن الكلالة: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً} [النساء: 12].
إلا أن الذي تقدم هناك كان عن الصلة من ناحية الأم، وسؤال جابر بن عبدالله كان عن الصلة من ناحية الأب.



فعن جابر بن عبدالله- رضي الله عنه- قال: «مرضت مرضا فأتاني النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما ماشيان فوجداني أغمي عليّ، فتوضا النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم صبّ وَضوءه عليّ فأفقت فإذا النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث».
وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة، فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض. وبعض العلماء قال: إن كلمة كلالة مأخوذة من كلال التعب؛ لأن الكلالة في الشرع هو من ليس له ولد ولا والد، والإنسان بين حياتين؛ حياة يعولها والد، وعندما يكبر ويضعف تصير حياته يعولها ولد؛ لذلك فالذي ليس له والد ولا ولد يعيش مرهقاً؛ فليس له والد سبق بالرعاية، وليس له ولد يحمله في الكبر؛ لذا سمي بالكلالة.

وبعضهم قال: إنها من الإكليل؛ أي التاج. وهو محيط بالرأس من جوانبه والمقصود به الأقارب المحيطون بالإنسان وليس لهم به صلة أعلى أي من الآباء، أو من أدنى أي من الأبناء.



{إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ} أي أن الكلالة هي أن يموت أحد وله أخت شقيقة أو أخت من أب فهي ترث النصف؛ وإذا ماتت هذه الأخت فالأخ يرثها سواء أكان شقيقاً أم أخاً لأب.


وإن ترك الرجل الكلال أختين أو أكثر فلهما الثلثان مما ترك ذلك الأخ. وإن كان له إخوة من رجال ونساء، فها هوذا قول الحق: {وَإِن كانوا إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين}. أي أن للذكر من الأخوة مثل حظ الأنثيين.


ويختم الحق الآية: {يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
أي أنه الحق يبين أحكامه خشية أن يصيب القوم الضلال. وقد علم سبحانه أزلاً بكل سلوك، وكل خافية، وهو العليم أبداً بما ينفع الناس جميعاً. وبذلك انتهينا بعون الله من خواطرنا في سورة النساء.




تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) 174-176 shaarawi-interpretat


تفسير الشعراوي (من الآية 190 سورة آل عمران إلى الآية 100 سورة النساء) (المجلد الرابع)


تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء) 174-176 1555007.jpg&key=


تفسير الشعراوي (من الآية 101 سورة النساء إلى الآية 54 سورة المائدة) (المجلد الخامس)








الكلمات الدلالية (Tags)
174-176, النساء), الشيخ, الشعراوى(, تفسير, سورة


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل