(فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا)
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)
{ فَلَمَّا رَأَوْهُ } أي: العذاب { عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي: معترضا كالسحاب قد أقبل على أوديتهم التي تسيل فتسقي نوابتهم ويشربون من آبارها وغدرانها.
{ قَالُوا } مستبشرين: { هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } أي: هذا السحاب سيمطرنا.
قال تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: هذا الذي جنيتم به على أنفسكم حيث قلتم: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
تفسير السعدي
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
لقد أرسل الله الريح العقيم على عاد، فأهلكتهم، ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾ [الذاريات: 41، 42]، ويصف الله حالهم بقوله: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]
إن تلك الآياتِ والأحداث نذر من الله تعالى لعباده؛ لعلّهم يتضرعون، ولعلهم ينتبهون، ولعلهم يستعتبون، قبل أن تحقّ عليهم الحاقة.
إن الله عز وجل هو الذي يُسيِّر الرياحَ كيف يشاء، ويسخرها لمن يشاء، فهي للطائعين رحمةٌ وبركة، وتحمل الخير للعباد، تسوق السحابَ فيَنزِل من السماء ماءٌ يحيي به الله بلدةً ميتا، ويسقيه مما خلق أنعاماً وأنَاسِيَّ كثيرا، وهي نِقْمَةٌ وشرٌّ وهلاكٌ على الطغاة المتكبرين، سلطها الله على عادٍ الأولى، لما استكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا: من أشد منا قوة؟!، وأرسلها الله يوم الأحزاب على قريشٍ وأعوانها؛﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9].
يجب علينا أن نوقن بأن تلك الآياتِ والنذر تخويفٌ من الله لعباده لعلهم يرجعون،﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]. فكيف نستبعد غضبَ الله وعذابَه وقد عَذَّب أُممَاً سلفت بما كسبت أيديهم؟!
فسننُ الله لا تتغير ولا تتبدل، وكيف نأمنُ عذابَ الله، والبلاء إذا نزل لا يقتصر على الفسقةِ والمجرمين، بل يعم ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25].
فاعتبروا يا أولي الأبصار، واعلموا أنه لا ملجأ من العقوبة إلا بكثرة الاستغفار، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33]، وعند أبي داود وابنِ ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)).
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين إذا وُعظوا اتّعظوا، وإذا أذنبوا استغفروا، وإذا ابتلوا صبروا.
من خطبة الرياح للشيخ عبدالله بن الناصر الزاحم
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الاحقاف: ٢٤]
{قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} في الآية الكريمة تفاؤل من غير توحيد وتوكل!!
رأى قوم عاد الغيم فقالوا (عارض ممطرنا) وكان فيه هلاكهم!!..
ورأى قوم موسى البحر فقالوا (إنا لمدركون) وكان فيه نجاتهم!!..
والله يعلم وأنتم لاتعلمون ... كن مع الله وتوكل عليه
{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} ربما يكمن الهلاك خلف نظرة الاستبشار.. كيف نستبشر خيرا ونحن نغضب الله تعالى؟!! ونستخف بالعقوبة المترتبة على مايغضب الجبار ويسخطه!! أين الخوف من الله؟! {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} كل مايفعله البشر هو الإستناد والإطمئنان أنها ظواهر طبيعيه!!..
احذر ربما تكون غير ذلك.. أصلح قلبك يصلح الله كل مايحيط بك.
حصاد التدبر
إقرئي المزيد :
من مواضيع : امانى يسرى محمد