عنترة بنشداد وقيل ابن عمرو بنشداد هو أحد فرسان العرب المشهورين في الجاهلية، وكان ابوه قد نفاه لانه من عادة العرب مع ابناء الاماء ان يستعبدوهم إلا إذا ظهرت عليهم علامات الذكاء والنجابة وكان اخوته من أمه عبيدًا
وسبب اعتراف ابيه به هو ان بعض احياء العرب اغاروا على بني عبس اصابوا منهم واستاقوا ابلا فلحقوا بهم فقالتلوهم وفيها عنترة، فقال له ابوه: كر يا عنترة، فقال عنترة: العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب والصر، فقال: كر وأنت حر، فاعترف ابوه به بعد ذلك. شجاعة عنترةبن شداد
يعد عنترةبنشداد مضرب المثل في الشجاعة، وكان عنترة من اشجع الفرسان واجود العرب مما تملكه يداه وحضر حرب داحس والغبراء وحسن فيها قتاله وظهرت شجاعته وعاش لفترة طويلة حتى توفي عندما تقدم في السن في سنة 615 م، وقد عشق في شبابه بنت عمه عبله قبل ان يحرره ابوه فأبى عمه ان يزوجه ابنته وهو عبد فادى ذلك إلى هياج شاعريته، فاجتمعت له الشجاعة والمروءة والمأثورة.
قضى عنترةبنشداد كل عمره في الحروب والقتال وقول الشعر فصارت العرب تعده من الابطال، واخذت تروى عنه النوادر في الشجاعة وانتقل ذلك من جيل إلى جيل حتى وصل إلينا. تحليل قصيدة هل غادر الشعراء من متردم
عنترة بنشداد كان عبدًا أسودًا، فعيره رجل بسواده وسواء امه، وانه لا يقول من الشعر إلا بيتين او ثلاثة، فاستهل عنترةبنشداد وجاد بهذه المعلقة، وهي من افضل الشعر، واجوده، وسماها العرب الذهبية
بدأ عنترة القصيدة بالغزل في ابنه عمه عبلة وخاطب ذكرياتها الجميلة في ديارها، وهذه الابيات من
أشعار عنترةبنشداد في الغزل:
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُن بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
هذه القصيدة من المعلقات السبع، وهي من روائع الشعر العربي القديم، مطلعها:
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّم
تمتاز هذه المعلقة بالسهول واللين، وهو امر لا يتواجد في الشعر القديم، وهي سهلة اللفظ، قريبة المعنة، وليس بينها وبين النفس عائق للفهم، وتسير في سهولة ويسر، وليس فيها غلظة او اسفاف مبالغ فيه، وعنترة فيها رقيق في الغزل والفخر ببطولاته التي قام بها، وهو ايضًا رقيق على فرسه، يألم لألمها ويسمع بكائها
لكن رقه عنترة لا تعني الضعف، والشدة لا تعني العنف لديه، والسكر لا يودي به إلى ما يفسد الاخلاق والمروءة، والصحو لا يجعله يقصر او يبخل، وهو من شرفاء العرب الذين يتصفون بالعفة عند تقسيم مغانم الحرب، ويتصف باخلاق الرجل العربي الكريم، وهذه المعلقة جاءت كتصوير واضح لنفسية الشاعر ومشاعره وحياته وبطولاته وعواطفه، ونضاله للأعداء، وتكفي هذه المعلقة للتعرف على عنترة الفارس الكريم الشجاع، والعربي كريم الخلق، رقيق العاطفة، حار الشعور.
سار في هذه المعلقة على نهج غيره من الشعراء، فذكر الديار، والناقة كما يذكرونها، وافتخر بالقيم العربية مثل الكرم والبطولة، وفي هذه المعلقة معاني نادرة لا نراها لدى غيره من الشعراء، فيشعر الشخص اثناء قراءة هذه الابيات كانه بعالم آخر، حيث تظهر نفسيه عنترة، ورقة قلبه، وعاطفته القوية التي جاءت بسبب العز بعد الذلة، والتحرر بعد الرق، لانه قد احتمل الكثير في شبابه، مما ادى لتصفية عواطفه وتلطيف حدسه، وإن هذه القصيدة لا تنتهي بانتهاء الزمان او المكان، فهي تعتبر بمثابة مرآه صافية صادقة لكل نفس كريمة ولكل قلب ذكي
حيث كل ما في هذه المعلقة جيد، وكل ابياتها يمكن ان يعجب بها الإنسان، كيف لا وعنترة يتحدث فيها عن البطولة في البادية وعن حياته وتجاربه وخبرته وفراسته وذكائه وصورة ويستمد شعره من خبراته الحياتية ومعرفته ببيئته وشعوره