القرآن الكريم

كل ما يخص القرآن الكريم من تجويد وتفسير وكتابة, القرآن الكريم mp3,حفظ وتحميل واستماع. تفسير وحفظ القران

نسخ رابط الموضوع
https://vb.kntosa.com/showthread.php?t=25547
601 0
انواع عرض الموضوع
08-10-2023 06:18 PM
#1  

افتراضيتفسير الشيخ الشعراوى (سورة الأنفال) 42-43-44


{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)}

ساعة تسمع (إذ) تعرف أنها ظرفٌ، ومعناها: اذكر هذا الوقت، اذكر إذ أنتم بالعدوة الدنيا، والعدوة شاطيء الوادي وجانبه. وهي جبل مرتفع؛ لأن الجبال إن كان بينها فضاء نسمي هذا الفضاء وادياً، فيكون الوادي هو الفضاء بين جبلين، ويكون المكان العالي الذي على يمين الوادي وعلى شماله عدوة.
وقوله تعالى: {بِالْعُدْوَةِ الدنيا وَهُم بالعدوة القصوى} [الأنفال: 42].
توضيح وبيان لجغرافية المعركة، وأهل الإسلام كانوا من ناحية المدينة، وقوله تعالى: (دنيا) تأنيث الأدنى أي الأقرب، فالمسلمون كانوا قريبين من المدينة. وكان الكفار قادمين من مكة، ونزلوا في المكان الأبعد.
فقوله تعالى: {أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدنيا} [الأنفال: 42].
أي في مكان قريب، وموقع غزوة بدر- كما نعلم- قريب من المدينة، أما كفار قريش فقد جاءوا من مكة. وبذلك جاءوا من مكان بعيد عن المدينة لذلك سماه الحق تبارك وتعالى هنا: {بالعدوة القصوى} أي في المكان البعيد عن مكة، ويتابع المولى سبحانه وتعالى قوله: {والركب أَسْفَلَ مِنكُمْ}

والركب هو العير أي الجمال التي تحمل التجارة، وكان المسلمون قد خرجوا ليأخذوها. ولما عرف أبو سفيان بذلك غيّر سير القافلة واتجه إلى ساحل البحر، ويتكلم الحق سبحانه وتعالى عن سلوك أبي سفيان حينما أمر أن تسير القوافل بجانب ساحل البحر. وساحل البحر- كما هو معلوم- يكون دائماً أسفل من أي أرض يابسة. ويُتخذ سطح البحر إلى الآن مقياساً للارتفاعات والانخفاضات بالنسبة للمقاييس البشرية، فيقال: هذا ارتفاعه مائة متر أو مائتا متر أو أكثر أو أقل بالنسبة لمستوى سطح البحر. وساحل البحر بالنسبة لسطح البحر متساو، أما الأرض والجبال والوديان فهي تختلف في العلو والانخفاض فلا تصلح مقياساً للارتفاعات والانخفاضات، بينما سطح البحر مستطرق استطراقاً سليماً، بحيث لا توجد في سطح الماء بقعة عالية وأخرى منخفضة.
وهكذا يلفتنا الحق سبحانه وتعالى إلى أن أسفل ما في الأرض هو ساحل البحر وقد اتخذ الناس سطح البحر مقياساً للارتفاعات.

ويقول الحق سبحانه وتعالى: {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الميعاد ولكن لِّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} [الأنفال: 42].
أي لو أن المؤمنين اتفقوا مع الكفار على موعد ومكان، لجاء بعضهم متأخراً عن الموعد أو منحرفاً عن المكان، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي حدد موعد المعركة ومكانها بدقة تامة فتم اللقاء في الموعد والمكان المحددين ليتم الأمر كما قدره الله سبحانه وتعالى، والأمر هو معركة بدر، وليلقى المؤمنون الكافرين، لينتصروا عليهم.
{لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42].
وهل يعني قول الحق {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ} أن الهلاك هنا هو الموت؟ لقد مات أيضاً بعض المؤمنين واستشهدوا.

وقول الحق: {ويحيى مَنْ حَيَّ} وهل الحياة هنا تعني مجرد البقاء على قيد الدنيا؟. لقد عاش أيضاً من الكفار كثير رغم أنهم خاضوا معركة بدر. إذن فليس معنى الهلاك هنا الموت، وليس معنى الحياة النجاة، ولكن قول الحق {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ} تنطبق على الكفار سواء الذين ماتوا أو الذين نجوا؛ لأن الهلاك هنا هلاك معنوي، فمن قتل من الكفارهلك. ومن نجا هلك أيضاً؛ لأنه بقتاله المؤمنين قد أورد نفسه مورد التهلكة بالعذاب الذي ينتظره في الآخرة، إلا إذا أدركته رحمة الله وآمن قبل أن يأتي أجله. والذين حيوا هم المؤمنون، والمراد- إذن- ليكفر من كفر، ويؤمن من آمن عن يقين.

ولقد قلنا من قبل: إنَّ الحق سبحانه وتعالى أطلق الحياة على معان متعددة، فهناك الحياة التي فيها الحركة والحس، وهذه تتحقق ساعة أن تدخل الروح الجسد ليكون للإنسان حياة. وهذه الحياة هي للمؤمن والكافر. ولكن الحياة بهذا الشكل؛ حياة منتهية إلى موت غير موقوت ننتظره في أي لحظة. ولكن الحياة المطلوبة لله هي الحياة التي لا يأتي فيه موت. ولا يكون فيها تعب وشقاء، تلك هي الحياة الآخرة، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: {وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].
أي أنها الحياة الحقيقية. إذن فالذي يؤمن إيماناً حقيقيا يعطيه الله تعالى حياة الخلود في الجنة. ولذلك نستمع جميعاً إلى قول الحق تبارك وتعالى: {استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 42].

ومنا من يتساءل: كيف يخاطب الله الناس وهم أحياء ويقول لهم: إذا دعاكم لما يحييكم؟ ونقول: إن الحق سبحانه وتعالى يريد لنا بالإيمان حياة خالدة في الجنة. ثم يختم الحق سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: {وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}
ومعنى سميع وعليم أنه سبحانه وتعالى مدرك لكل الأشياء والخواطر، فما بالسمع يسمعه، وما بالعين يراه، وما في الصدر يعلمه، وما هو في أي حس من أحاسيس الإنسان هو عليم به؛ لأنه أحاط بكل شيء علما.
ووسائل الإدراك العلمي في الإنسان هي السمع والبصر والذوق واللمس والشم، هذه هي الحواس التي تعطي العلم للإنسان الذي لم يكن يعلم شيئاً.
وهو سبحانه وتعالى القائل: {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78].
أي أن هذه الحواس هي التي تعطي الإنسان ما لم يكن قد علمه، وكلما علم شيئاً، فليقل: الحمد لله.

{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)}

والحق سبحانه وتعالى إذا أراد معركة فاصلة، يجعل الخواطر في كل قوم مهيجة على الحرب؛ لأنه سبحانه وتعالى يريد للفئتين أن يشتبكوا، ويفصل الحق في المسألة، وهذا الاشتباك لو حدث بالمقاييس العادية ربما جَبُنَتْ الفئة القليلة عن أن تواجه الفئة الكثيرة. ولكي تتم المعركة لابد أن يكون كل من الفريقين المتحاربين واثقا من النصر؛ لأنه لو أيقن أحدهما أنه سيهزم لما دخل إلى المعركة.
والله سبحانه وتعالى يُعلم رسوله والمؤمنين كيف أعد الله الإعداد النفسي للمعركة، فأرى النبي في الرؤيا أن عدد الكفار قليل حتى يؤمن أن المؤمنين سينتصرون عليهم بسهولة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه رؤيا توضح أن عدد الكفار قليل في أعين المؤمنين، وأخبر قومه بذلك وقد قلل عدد المؤمنين في أعين الكفار، ليتم اللقاء وتحدث المعركة.


{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)}

إذن رأى المؤمنون الكفار قليلاً، ولو كثَّر الله الكفار في أعين المؤمنين، أو كثّر المؤمنين في أعين الكفار ما حدثت المعركة. ولكنه سبحانه وتعالى شاء أن يقلل كل فريق في نظر الآخر ليبدأ القتال، ويحكي سيدنا عبد الله بن مسعود: لقد قلت لجار لي أظنهم سبعين، فقال: لا بل مائة.
وهكذا كان عدد الكافرين قليلاً في نظر المؤمنين، وكان عدد المؤمنين بالفعل قليلاً في عيون الكافرين.
وأيضاً شاء الحق سبحانه أن يجعل في ذلك بلاغاً من إعلامات النبوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رأى النبي عدد الكافرين في المنام وهم قليل، وأخبر صلى الله عليه وسلم قومه بذلك. ودار القتال الذي أراده الله تعالى: {لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور} [الأنفال: 44].
والأمر الحاسم هو التقاء الفئتين المتقاتلتين في معركة بدر ليفصل الله بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر؛ حتى ترجع الأمور إلى الله، فلكل واحد من جنود المعركة جزاءٌ من عند الله سبحانه وتعالى؛ المؤمنون لهم جزاء على قدر نياتهم وإخلاصهم في الجهاد، الكافرون عليهم غضب من الله تعالى. والغضب منازل، كل منزلة من الغضب حسب أحوال صاحبها.
وقول الحق سبحانه وتعالى: {وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور} نجد فيه كلمة (الأمور) وهي جمع أمر، وفي المعارك ألوان مختلفة من الأوامر؛ فلكل جندي أمر، وهناك أمر عام تنتهي إليه المعارك وهو انتصار طرف وانهزام طرف آخر. ولكي يتم النصر للمؤمنين فإن الله يطلب منهم أن يثبتوا في المعركة

نداء الايمان








الكلمات الدلالية (Tags)
(سورة, 42({وَلَوْ, فِي, لَاخْتَلَفْتُمْ, الْمِيعَادِ), الأنفال), الشيخ, الشعراوى, تفسير, تَوَاعَدْتُمْ


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:44 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل